الربا بعباءة إسلامية


مفهوم الربا لدى جماعات الإسلام السياسي مفهموم مغلوط وشائك، تعمد المتبنين له باتخاذ عباءة الإسلام غطاء لهم لكي يقنعوا الناس  بأن الأموال التي تنهمر عليهم من أنشطة متعددة هي أموال حلال، هذه التجارة هي الطريق الى أحكام قبضتهم على أركان الدولة والسيطرة على الاقتصاد وبذلك يكونوا قد ضربوا كما يقول المثل (عصفورين بحجر واحد) فهم من باب ملتزمون بأحكام الدين ومن باب آخر يكونوا قد سيطروا على الاقتصاد بما يسمح لهم بالتحكم في مقاليد السلطة.
نظرة على رؤية الإسلاميين الاقتصادية:
عن موقف الإخوان من الاقتراض من صندوق النقد، قال (أحمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة) إن “مصر بلد مؤسس فى النظام المالي العالمي الذي أنتج البنك والصندوق الدوليين، ولنا حصة فى كل منهما، وحق فى أموالهما، ولا بد أن نأخذ حقوقنا منه، خاصة أن تكلفة الأموال منخفضة، لكننا نتعامل فى إطار أننا لا نعتمد على الاقتراض الخارجي كمبدأ، ونلجأ له عند الضرورة القصوى”.
وتابع: “لدينا رأى فى الخصخصة، إذ لا يجب أن يكون هناك شكل واحد لها، فهناك الشراكة وأشكال متنوعة، ليست بالضرورة البيع، ونحن كحزب ضد البيع كمبدأ، لكن الفلسفة الوحيدة أن لديك جهازا إنتاجياً، وليس لديك القدرة على تطويره، فالأمر يحتاج إلى المزيد من ضخ الأموال، وفى حالات الخصخصة، التي شهدتها مصر، نجد أن المبالغ، التي تم سدادها كمقابل لعمليات البيع جاءت من داخل البلاد، وليس من خارجها، سواء عبر البنوك أو شركات التأمين، وبالتالي فإن الحجة التي تطلق فى وجه المجتمع كمبرر للخصخصة سقطت، ولا بد من البحث عن بدائل لتطوير المؤسسات”.
وحول موقف الحزب من البنوك التجارية، التي تتعامل بالفوائد الربوية والاتجاه للتوسع فى الصيرفة الإسلامية كبديل عن البنوك التجارية، قال (أبو بركة) إن جوهر التطبيق للبنوك الإسلامية غير موجود حتى الآن فى مصر، ولابد من تقديمها فى الفترة القادمة، حتى تخدم المجتمع، والصيرفة الإسلامية اتخذت جوهر المعاملات الأخرى، وإذا نظرنا لمشاريع مثل الشراكة بين القطاعين العام والخاص فسنجد أنها تتوافق مع أحكام الشريعة، وحضارة الإسلام أول حضارة عرفت المبادئ الأساسية مثل المواطنة وسيادة الشعب.
قتصاد الإسلاميين ربوي علميا:
لقد أغفل الكثير من المدافعين عن البنوك الإسلامية العلّة الأساسية ومقاصد الشريعة من تحريم الربا، فلقد تم التصوير بأن الحرب الشديدة التي أعلنها الإسلام على الربا كما سبقته الأديان الأخرى ناجمة عن وصف ما إذا تمّ تغيير مظهره فإنه يصبح حلالاً.
وما يمكن استخلاصه من مبدأ “كل قرض جرّ منفعة فهو ربا” أنّ المقرض بالربا يقرض الأشخاص مقابل عوض ما دون مراعاة لمقدار ربح أو خسارة المقترض. فالإسلام لم يحارب المسمّى أو مقدار الربا وإنما فكرة أن صاحب القرض يجني أرباحاً معينة محددة مسبقاً دون أن يساهم في عملية الربح أو الخسارة المفترضة من جراء عقد القرض.
إنّ فكرة النظام البنكي الرأسمالي قائمة على أن المال يولّد مالاً، لذا فمن أجل تأمين مورد مثالي ثابت للمقرض وقائم على مقدار ربح محدد ونسبة مئوية على المال المقترض دون مراعاة لربح أو خسارة الشخص المتلقي للقرض.
فكيف يتم إيجاد التخريجة المفترضة بأنها شرعية لكي يتم تأمين مورد ثابت للمال في مقابل إقراضه من قبل البنوك الإسلامية؟
لقد تمّ استغلال فكرة المرابحة من قبل بعض المصارف، وهي مصطلح معروف في الفقه الإسلامي ولكي لا يتم استغلالها، يفترض أن نعرض مفهوم هذا المصطلح ليصبح عندهم وعي كاف علّهم يردعون من سهّل عليه استغلال هذا المفهوم لتضليل الرأي العام وإيهامه أن البنوك الإسلامية تراعي مقاصد الشريعة الإسلامية بإتباعها مبدأ المرابحة.
إنّ مفهوم المرابحة في الإسلام قائم على فكرة أن يلتزم الطرف الأول بأن يشتري من الطرف الثاني سلعة ما بسعر يتم الاتفاق عليه مسبقاً بعد أن يتم تحديد نسبة الربح فوق التكلفة وهذا ما يسمى الوعد بالشراء.
فمثلاً يذهب الطرف الأول ويطلب من الطرف الثاني أن يشتري لحسابه طن من القمح تبلغ سعر كلفته 12 ألف ليرة ويتعهد أن يشتريها بمبلغ 12500 ليرة سواء بالدفع المباشر أو السلم “المؤجل”.
إن إباحة الفقهاء لهذا العقد ناجمة من أن الطرف الذي سيشتري القمح ثم يبيعه سيتكبّد عناء شرائه ونقله وتسليمه إلى الطرف المشتري. فهو بذلك عمل وتم الاتفاق على عوض مقابل ذلك الجهد, وبالرغم من ذلك فإن الفقهاء اشترطوا أن يقبض الطرف الأول السلعة المطلوب شراؤها قبل أن يبيعها للطرف الثاني، وكذلك ألزم الإسلام الطرف البائع بمستلزمات البائع في الإسلام أي أنه مسؤول عن التلف الذي قد يحصل أثناء جلب السلع أو العيوب التي طرأت عليها.
المرابحة في الإسلام:
إنّ الإسلام أحل المرابحة باعتبارها عمل يقوم به أحد الأطراف الذي يتحمل مسؤولية البحث والشراء والنقل ليبيعها للطرف الثاني. أما في المرابحة البنكية التي تبنتها البنوك الإسلامية فالعمل الوحيد الذي يقوم به البنك هو عمل كتابي محاسبي يتم فيها كتابة عقدين ويتكفل الزبون بالبحث وإيجاد السلعة المطلوبة لعقد المرابحة ويتفق مع البائع الحقيقي على السعر، ويأتي دور البنك فقط بإبرام العقود وقبض المنفعة من جراء إقراضه للمال.
البنوك الإسلامية والقرض الحسن:
حين يناقش المرء الأمر مع بعض العلماء يجد أنهم وجدوا في البنوك الإسلامية منفذاً للتخفيف عن الناس بسبب عدم وجود من يقرض القرض الحسن، فيتم التغاضي عن المآخذ على المرابحة لكي يتيحوا لمن ينهاه دينه عن أكل الربا شراء سلعة أو عقار دون اللجوء إلى الربا. ولكن كيف فاتهم أن البنوك الإسلامية وجدت نفسها في وضع لا تقرّه المنافسة الحرّة، لأنها تعرف مسبقاً أن من يلجأ إليها فعل ذلك بدافع غيرته على دينه، فلم تراع ذلك بل على العكس فإن هامش الأرباح أصبح أعلى بكثير من مقدار الربا الذي تأخذه البنوك الأخرى. لقد غفل هؤلاء وبالرغم من أنهم لم تفتنهم إغراءات البنوك الإسلامية أنه كان بالإمكان خدمة العميل أكثر لو طبّقت البنوك الإسلامية مبدأ المرابحة الحقيقي القائم على العمل. فكان بالإمكان لهذه البنوك أن تشتري مسبقاً كمية من السلع سواء كانت سيارات أو غيرها أو تبني عقارات وبذلك تكون قد أدّت عملاً فعلياً، ولأنها تتمتع بسيولة كبيرة فيمكنها شراء السيارات مثلاً بأسعار أدنى من الأسعار التي يشتريها العميل لأنها تشتري بكمية أكبر وتبني بكلفة أقل بسبب كبر حجمها، وبذلك يمكنها أن تربح هامشاً جيداً دون أن تصل الكلفة على المشتري كلفة الشراء بالتقسيط على الطريقة المتبعة في المصارف الأخرى، وبذلك تكون قد تحمّلت نوعاً من المجازفة المحدودة لا أن تكون صورة طبق الأصل للتعامل الربوي مع عباءة إسلامية.
إن كثيرين من المهتمين بالتنظير للصيرفة الإسلامية تنقصهم الجدية بالعمل على إيجاد حلول إسلامية، بل إن كثيرين منهم يسعون لتقليد أنظمة المصارف التقليدية التي تؤمن للبنك ربحاً ثابتاً مستقراً مهما كانت نتيجة القرض على المقترض. وتحاول إلباس ذلك بعباءة إسلامية وتحاول تحميل النصوص أكثر مما تحتمل وفي ظنها أن في ذلك خدمة لمجتمعها. إن المرابحة المتبعة في بعض البنوك الإسلامية لا تعدو عن كونها إقراض للمال من يد لأخرى ترتب عليه منفعة، حيث يقتصر عمل البنك الإسلامي على إجراء الحسابات وتحرير العقود وهذا ما يحدث بالضبط في البنوك التقليدية بشكل آخر، إذ إنّ هناك عقوداً تحرر، وقد يلجأ البنك إلى دراسة جدوى مشروع العميل لضمان إمكانية رد المال فهذا عمل أيضاً وفي كلا النظامين حدث انتقال للمال من يد لأخرى دون وجود عمل إنتاجي حقيقي ومشاركة في الربح أو الخسارة تستوجب العوض.
لا يجوز باسم الدين أن يدفع المرء مبلغاً أكبر ليتحقق في مقابل ذلك نفع أكبر مقابل قرض، ولم يخجل البعض من تسمية هذا ضريبة الحلال
وتقول ديانا حمدان “الإخوان والسلفيون رأسماليون رغم إخفائهم وإنكارهم ذلك وصبغهم لاقتصادهم الرأسمالي بمسمى مزيف هو (الاقتصاد الإسلامي).
 ويمكنكم استنتاج ذلك من خلال عدة أمور:
- تحالفهم مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفيتي.
ـ تصديهم للشيوعية والشيوعيين، وتكفيرهم لهم وتكفيرهم للاشتراكية والاشتراكيين وللناصرية والناصريين وللقومية والقوميين.
 ـ منبعهم ومؤسسهم ومركزهم وولى نعمتهم هو كيان رأسمالي بحت عميل لبريطانيا ثم لأمريكا ، ويحيا برأسمالية النفط .
ـ استقطابهم للناخبين وللأقلام وفتحهم الفضائيات ونشرهم أفكارهم وكتبهم عبر الأموال الهائلة (البترو دولار).
ـ لن تجد فى فتاواهم هجوما على الاقتصاد الحر (اقتصاد السوق) ولا على الفكر الرأسمالي، بل هجومهم كله منصب فى الأساس على أيديولوجيتين هما الاشتراكية والعلمانية، وإن هاجموا الرأسمالية فى حالات نادرة جدا فهو لذر الرماد فى العيون وللتمويه.
أما محاولات بعض الإخوان لتصنيع ما يسمى بالاشتراكية الإسلامية فهو خبث الأفاعي المعهود لديهم والذي يهدف دوما لتخريب الأيديولوجيات المعادية لفكرهم بواسطة اختراقها ومزجها بأفكارهم الهدامة،  تماما كما تمكنوا من اختراق حزب العدل وحزب الكرامة وحزب الغد وحزب الوفد.
 فحياة وقوة الإسلاميين (الإخوان والسلفيين ، ولا أذكر الجماعة الإسلامية لأنها جزء من الإخوان والسلفيين) فى الرأسمالية وفى رفعة وعلو أمريكا وأتباعها، فإذا نضب النفط ، وإذا أفلست أمريكا وأتباعها وانتهت الرأسمالية فلن تحس منهم من أحد ولن تسمع لهم ركزا، سيتلاشون ويذهبون كما يذهب الزبد جفاء، فإن الحرب عليهم حرب على الرأسمالية والإمبريالية، والحرب على الرأسمالية والإمبريالية حرب عليهم، لذلك هم خدم وحلفاء للرأسمالية والإمبريالية.
الخطة الجديدة لاستبدال التوحش الرأسمالي بالقناع الإسلامي للتوحش:
كانت جماعة الإخوان قد أعلنت، قبل أسابيع من حوار الشاطر مع الصحف الغربية، أنها ستعترف بمعاهدة السلام مع إسرائيل، والمناطق الصناعية المشتركة بين الجانبين، كما طمأنت شركات السياحة بأن الجماعة لن تدعم التشريع الذي يرحب به بعض المحافظين المتشددين من الإسلاميين، والذي يحرم بيع الخمور ويجرم ارتداء السيدات للمايوه على الشواطئ.
كما أعلن قادة الإخوان أنهم لا يعارضون الخصخصة، وأنهم اعترفوا بالحاجة لإصلاح أنظمة الرعاية الاجتماعية العامة وشبكة الدعم الحكومي الضخمة، والتي تؤدي إلى إهدار الميزانية.
والأهم من ذلك أنه في أعقاب رفض الحكومة المصرية تحت إدارة القيادة العسكرية، عرضا من صندوق النقد الدولي بتقديم قرض سريع بقيمة 3 مليارات دولار، عقد أعضاء الإخوان لقاء مع وفد من الصندوق في يناير (كانون الثاني)لبحث خطة إنقاذ أكبر قليلا.
وبالسؤال حول مدى قبول الإخوان للتفاوض بشأن مثل تلك القروض، رغم القيود الإسلامية إزاء الربا، قال أحد الاقتصاديين في الجماعة، إنه “لن يكون هناك صراع طالما أن الحصول على الأموال يتم كملجأ أخير وبشروط عادلة”.
ويرى كثير من النشطاء الليبراليين والساخطين المنشقين عن الإخوان، فرقا طفيفا بين الإخوان والنظام السابق. فيقول إبراهيم عيسى، وهو ناشط وناشر ليبرالي”الإخوان المسلمون يريدون سوقا حرة بفساد أقل، لذا ليس هناك تغير حقيقي”.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)

صخرة النبي موسى عليه السلام