بين يدي الملك (٢)
في انقلاب قام به حسين كامل ، خرج الحكم من رجل كان قاب قوسين او أدنى للتويج.
و هذا الملك الذي منعته الظروف الجديدة من التتويج هو الملك فؤاد.
أصبح الرجل، مشروع الملك مشردا و هائما على وجهه.
و كان موقف الانجليز غامضا لم يدعم الملك المزعوم و لم تعده باعادته للسلطة و لم تقم باي جانب تحوطي لرعايته ، مما يوحي بقبول الانجليز بالمستجدات و الاوضاع الجديدة.
كان رجل نوبي يملك مقهى في وسط البلد.كان المقهى يعج بنشاط دائم و يرتاده الاكابر.
لاحظ النوبي تردد شاب يائس ساخط، كان محطم القلب ينقل ثقله من مقهى الى اخر دون هدف و لا هدى.
ظل هذا النوبي مراقبا للشاب البائس حتى تأكد أنه بلا مأوى يقضى ليله حسبما اتفق فبه نفاذ مروته و همته.
كان هذا ، صاحب العز التليد و الحاضر المهضوم هو فؤاد.
لم يتحمل قلب هذا النوبي مشاهدة هذا الشاب و هو يتيه في الضياع يوما بعد يوم فقرر ان يأويه.
اواه و راعاه كأنه احد من أبنائه حتى صار ما بينهما ما بين الاب و ابنه.
استقرت أحوال ( الملك غير المتوج ) مع الواقع الجديد و الابوة الحنينة و استقامت اموره و تحسنت صحته و صلح عموم احواله.
ثم دارت الامور على الانقلابي و رأى الانجليز ضرورة اعادة الاوضاع الى سيرتها الاولى.
و أعاد الانجليز الشاب فؤاد الى القصر عزيزا مكرما".
الملك المتوج حديثا رفض العودة الى القصر الا بمعية والده النوبي ، الوالد الحقيقي الذي انتشله من الضياع ، الوالد الذي ظل يبث فيه أمل العودة الحتمية للقصر.
ذهبا للقصر و حكما مصر ملكا متوجا و غير متوج.
لم يكن الملك فؤاد يخفى على النوبي شيئا و الا استشاره و أخذ بنصيحته.
ثم ليضمن سلامته و سلامة من معه في القصر قام بتعيين الاب النوبي في وظيفة
ناظر الخاصة
كل الامور و الشئون الملكية تدار من مكتب ناظر الخاصة.
و يحكي أنه سعد كثيرا ،حينما اتاه شاب من بلده و طلب منه دخول كلية الطب ،و أسعده انه يملك شهادات تدخله كلية الطب و انه اعطاه بطاقة من
ناظر خاصة الملك.
ما أسعده التحول النوعي لمطامح النوبيين الى دراسة الطب.
أما طالب الطب فيحي ، أنه حينما أعطى البطاقة لادارة الجامعة
سالوه عما يرغب من كلية.
و ما ادهشه ، لم يسالوه عن شهادات الثانوي.
ادارة الجامعةارفقت البطاقة الملكية مع اورنيك التقديم و انتهى الامر و تخرج فيها طبيبا مميزا بهمته و اجتهاده.
و دارت الابام و توفي الملك فؤاد و حافظ صاحبنا النوبي على موقعه و أهميته.
ثم هرم الرجل و اعتلت صحته.
ناداه الملك فاروق و شكره على ما قدمة للاسرة المالكة من اعمال جليلة و أنه يخشى ان يحدث له مكروه دون أن يكافؤه على سابق انجازه.
طلب منه أن يطلب ما يريد.
قال له الملك: اطلب ما تشاء ،نجب لك و نعطيك و نوفيك.
النوبي:
لقد حققت كل ما تمنيته الا امرا واحدا ، اتمنى ان تنجزوه لي.
الملك: اطلب و لا تخف.
النوبي :
كل أمنيتي أن ابني مسجدا في بلدتي ، مسجدا بمواصفات غير موجودة حاليا في بلدتي.
الملك : كل ما تحتاجه من مواد و مهندسيين و تكلفة بناء سنوفرها لك.
اختار مهندس البناء من بلدة تبج و يسمى محمود صالح شريف ( شقيق محجوب صالح شريف) و كان متزوجا من مصرية و مقيما بمصر.
الموقع و المسجد:
مسجد عبري العتيق
اما الملك النوبي فهو
الملك سليمان قاسم
و من مناقب الملك النوبي أنه طلبا للاجر و القرب من المولى الكريم أخفى عن الناس أن المسجد مسجده و احتسب أجره للاخرة فأسمى المسجد
ب
مسجد فاروق ، مبعدا نفسه من شبهة العجب و التيه مقتربا لله الكريم.
نسال الله ان يرحمه و يتقبل عمله الكبير و ان يبنى له قصرا في جنة الفردوس الاعلى.
تعليقات