جيران

   اسكيسيلي
٢٦ اغسطس ٢٠١٧
علي عبد الحليم محجوب
المكان : الخرطوم الديوم الشرقية..
الزمان : منتصف يناير من عام ما شهد ولادة محمد احمد..
و في نفس اللحظة تلقى نبا ولادة زوجة جاره استاذ محمد لبنت.
حمد الله كثيرا على سلامتهما و اعلن على الملأ انه سيمنح وليده و  وليدة جاره رطلي حليب يوميامن ابقاره.
   سرح  بخاطره  حول المئتي بقرة التي يملكها و الرعاة الثلاثة الذين يسعون بها من منطقة الديوم الى الفسحة جنوب كبري النيل الازرق ثم جنوبا و شرقا الى منطقة الجريف غرب و احيانا الى تخوم سوبا.
حمد الله كثيرا على نعمه الكثيرة و ترحم على روح زوجته الاولى.
و شكر الله على بر زوجته الجديدة و استهلالها الولادة بمولود ذكر.
ربما يذكر البعض تلك الفسحة التي تتجمع ابقاره حيث درج الناس على تسميتها ب
ارض الحيوان.
كانت علاقته عميقة بجاره استاذ محمد  و كانا يتناكفان بطريقة ودودة.
البستغرب ليهو يا استاذ انت نوبي و ماك عربي
كيف تدرس لغة عربية؟
فيرد عليه استاذ محمد قائلا: انت خليك في بهايمك ثم يساله:
انت سميت بنيتك منو؟
فيرد الاستاذ : صباح و انت سميت ولدك منو ؟
فيجيب : محمد
ما شاء الله.
كانت الحياة تسير بلطافة و سلاسة الى ان فوجئ ذات يوم بقدوم عدد من موظفين الدولة و تظلموا من ابقاره التى ترعى جنوب الكبري و أنها تسببت في عودة طائرات كثيرة لعدم تمكنها من الهبوط لان الابقار غطت على اشارات الملاحة الجوية.
تم تحرير انذار لعم احمد و الذى عرفه الكثيرون بود عيسى تيمنا بشيخ ( المسيد) .
جمع الرعاة و ابلغهم بحظر السلطات الرعي في امتداد المطار الشمالي.
ثم توالت الايام و كثر حظر اماكن الرعي و حظر مسارات السعي.
تيقن عم أحمد بان المدينة طغت على حرية ابقاره و استيقن ان الدائرة ستضيق كثيرا.
ثم قرر ان يذهب بابقاره الى ارض الاجداد ، ارض الكلاكلة.
ودع المدينة و ارتحل الى فسحة واسعة لا يمنعه فيها احد السعي وراء الكلأ.
 استقر بالكلاكلة و وجدت ابقارة حرية السعي في مساحات ضخمة و تضاعفت و تكاثرت و زاد الخير.
و مرت سنوات قليلة و بدأت عمليات الحظر و الانذارات تتوالى بتجنب تربية الحيوان داخل المدينة.
ثم اتبعت الاتذارات  سلسة جبايات فأصبح يبيعها و تقلص العدد الى اقل من اصابع اليد الواحدة.
اثناء تجوال احمد داخل الكلاكلة تفاجأ باستاذ محمد جاره القديم بالديوم و تعانقا يذرفان الدموع و فيض الذكريات و السؤال عن الاولاد.
استاذ محمد لم يعد ذاك استاذ اللغة العربية الذي كان يناكفه ، بل أصبح فنان السودان الاول.
ذاك هو محمد وردي.
قال احمد ممازحا :
يا استاذ انا خليت ليك الديوم و رحلت للكلاكلة
القاك لحقتني في الكلاكلة ؟
فرد وردي:
يا بو حميد انا وراك محل تمشي و مهما ترحل بعيد تلقاني برضو رحلت جنبك.
تعرف يا احمد انت لو رحلت لقبرك  ، برضي برحل ليك في قير جنبك.
يا استاذ و الله انا سعيد بجيرتك تاني في الكلاكلة
و بدءا السؤال عن الاولاد عن محمد احمد و صباح
و عن باقي الاضافات.
  هنا امتلات عيون محدثي المهندس محمد احمد جاد الله بالدموع قائلا
فقد جمعهما القبر مرة اخرى
حيث لحق وردي بوالدي بعد عام بالتمام و الكمال.
اللهم ارحمهما و ارفعهما الفردوس الاعلى من الجنة
علي عبد الحليم محجوب




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)