متون باب اوني (٤)

متون باب اوني (4)
حينما اذكر ايام الطفولة في القرية، اذكر هيبة الدولة و هيبة الملاحظ الصحي.
السيد خليل عبدو حاج
و المرحوم جمال على خليل، و الهيبة التي كانت تلارمهم حيث ما حلوا و حيث ما ذهبوا.
في منزلنا  ، كانت هناك غرفة ملحقة  غير معروشة  ذات باب صغير فيها بعض الغنم.  َثم لسبب ما، اخليت  الغرفة و تم بناء زريبة مراح  ملاصق لتلك الغرفة. 
و بأمر من مفتش الصحة خليل عبدو حاج تم نقله الي الجنوب قليلا للحفاظ على مسافة سلامة ما بين المنزل و المراح و الذي بني  ببقايا الشجر و الاشواك.
و أصبحت الزريبة كل ما مضى بعض من الزمن، تنكمش الي مسحات اقل نتيجة لتمدد الطبيعة الجافة و تراجع مشروع عبري الزراعي و الذي  كان ينشط بالقمح و العلف( لوبيا،  كشرنقي).
و تراجعت العباسية من مددها  الاخضر و علا يبسها و تراجع الناس كأنهم اتخذوا قرارا موحدا فاختفت زرائب البهائم من كل القربة الا قليلا. 
و اختفى الحليب و اختفى شاي العصر.
ثم خطرت لوالدتي عليها رحمة الله و رضوانه فكرة إضافة المراح (المبنى) كغرفة للمنزل. 
و بسرعة تم قفل الباب الخارجي و فتح باب اخر يفتح علي البرندة. 
ثم ما لبثت ان غيرت رأيها لاستغلالها كمطبخ. 
و بما ان المساحة كانت كبيرة قررت أن تبني فرنا. 
لا أعتقد انها استعانت بخبيرة حيث اني ذهلت لمقدرتها المذهلة في بناء فرن بسيط و جميل ذات  تقويسات متناسقة، نتج منها فرن  رائع ذات واجهة جميلة. 
كانت الواجهة مقسومة الي نصفين، حيث يوضع الحطب بالأسفل و توضع (الصواني) في النصف الاعلي بمدخل صغير ذاب باب اختياري. 
رغم بحثي في قوقل لم اجد فرنا نوببا مثل ذاك. 
مع قناعاتنا التامة في ذاك الزمان بالكسرة (كبانري) و الفطيرة ( الاديرة) صناعة الرغيف لم تكن هدفا و لا  فكرة. 
فالفرن كان متوفرًا في معطم المنازل لصناعة المنين، الشريك و البسكويت.
و صناعة  الخبيز  لم تكن عملية مكلفة ، و رغم ذلك لم نكن نجد المنين و الشريك الا في المناسبات و الأعياد. 
شاي العصر كان في َمعطم الأحيان يتناول مع باقي الاديرة َ و الكسرة. 
كانت البيئة صديقة حيث لا أمراض خبيثة و لا وفيات الفجآة. 
فالقمح و الذرة كانتا نتاج تقاوي (كوجر، ⲕⲟⳝⲓⲣ) متوارثة بين الآباء و الاجداد منذ عقود و اجال. 
اذكر جيدا في السبيعينات، ظهر اتجاه ينادي بعدم الاهتمام  بحفظ  التقاوي المتوارثة ( كوجر، ⲕⲟⳝⲓⲣ) لان المشروع سيقوم بتوزيع تقاوي محسنة ذات إنتاجية عالية. 
اعتقد كانت تلك خدعة و الباب الذي ضاع منه تقاوي الاجداد الآمنة و ولج منه وهم التقاوي المحسنة التي ما اصابنتا الا سلبا  في صحتنا و عافينا. 
و اعتقد في تلك الفترة أصبح المشروع يوزع سماد ( الكيماوي) الأبيض و تركنا استعمال كتل مخلفات البهائم. 
جدنا عبدو خليل لم يكن مقتنعا بالكيماوي لانه دائما ما كان  يحتاج  لمراحنا لأخذ المخلفات العضوية( مارو، ⲙⲁ̄ⲣⲟⲩ). 
بالفعل اقتلاع ( المارو) كانت عملية شاقة جدا َربما  تسببت في عزوف الشباب عن الزراعة. 

مشروع عبري و الذي كان يسقي زراعتنا بجدول كبير كان يعتمد على زراعة القمح مناصفة بين المزارع و المشروع بعد تجنيب (تقاوي، كوجر ) الزراعة ،. لكن كانت نسبة كبيرة من الأفراد يزرعون في الصيف اللوبيا كعلف رىيسي. 
و ما أحلى (الارجي) ، خاصة في الشتاء) و يزداد حلاوة مع الشاي. 
مرات كنا كحبيبنا محمد هاشم نجد فوقه بعضا من (البوجي). 
لا اعرف كيف كانت تتم عملية حساب زراعة اللوبيا مع إدارة المشروع، لكن كانت تنجح بطريقة مزهرة جدا. 
و اذكر زراعتنا في المشروع ( كما كان يسميه الاهالي) أيام المتوسطة و كان عمنا داوود والد عبد الله هو الخولى و كان رجلا جلدا  صبورا فقد تحمل من طيشنا الكثير بكل صدر رحب و كان هو و عم حسن علي خليل يتمتعان بقدر كبير من المعلومات عن الشهور القبطية و مواعيد زراعة كل محصول. 
اذكر  المشروع و زراعة اللوبيا و الاختلافات و المفارقات في زمن وصول الماء لجدولنا فمرات كنا نفاجأ بأن علينا السهر ليلا  و الا لن نجد فرصة أخرى للسقية الا بعد شهر تقريبا، لذا كنا نساهر رغم مخاطر انتشار العقارب و الثعابين. 
و ممن سمعته عن والدي و اترابه كيف تم رفع الجدول الرئيسي لمضرب المشروع و كيف كان الاهالي ياتون بطوعهم للمشاركة في هذا المشروع الكبير. 
و اعتقد حسب الرواية كان يتم تكويم كما هائلا من التراب، ثم يقومون بشقه من المنتصف لفتح مجرى الجدول. 
بعد الانتهاء من شق كيمان ضخمة حدث انزلاق  ترابي كبير. 
و بحث المشرفون حوالي الجدول خوفا من احتمال وقوع ضحايا. 
اكد احد العاملين بأن شخصا كان بقربه قد فقد خلال الانزلاق. 
أصبحوا يبحثون بحذر الي ان تم العثور على حبيبنا على بوبلو مدفونا وسط الانزلاقات الترابية التي تمت و قد كان وجوده على قيد الحياة نوعا من الإعجاز الإلهي و بشري خير لنجاح المشروع. 
كان المشروع يغطي كل المساحات الضخمة شرق و حوالي المقابر الي ان تصل قرية عمارة. 
أين ذاك المشروع الزراعي الضخم؟ 
على عبد الحليم محجوب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)