متون باب اوني (٧)

 متون باب اوني (7)

طاحونة عمنا عثمان دونكي

و كلمة دونكي تعكس جانبا هاما من تأثير الثقافة الفرنسية في حياة المجتمع النوبي وتأثره بمصر.. 

فكنا نسمع من آبائنا كلمات فرنسية، مثل

دونكي     وابور

اتومبيل      سيارة

كولب         نادي

اعتقد كلمة (تورش) للمبة او  البطارية للانارة الليلية أيضا فرنسية.

لا يمكن ذكر الطاحونة و اغفال ذكر السيد صالح بردويل (حتكون).

كان غالبا ما يستريح في منزلنا حتى  يعاود تشغيل الطاحونة عصرا.

لم ار في حياتي رجلا يعشق الشاي مثله.

و لان تلك الأيام  كانت رخية فكان الشاي بالضرورة شاي لبن و في الغالب (بخبيز) .

كان يضجر كثيرا من (الشريك)  و يقول انه لا يحبه لانه اكثر شغفا بالشاي منه.

ثم اختفى لزمن و تسلم زمام تشغيل الطاحونة حسن اريا.

غير متأكد اذا كان عوض نصر ممن تعاقبوا على تشغيل الطاحونة أم لا. 

لكن أعتقد ان صالح( حتكون) و حسن اريا عاودا العمل اكثر من مرة.

و كانت مزرعة ال بدر تحتل الجانب الشرقي للطاحونة و كانت البيارة الخاصة بالمزرعة تسمي ب ( بير النبي).

و حينما قررت إدارة التعليم بعبري منح تبج مدرسة ابتدائية على أن تشيد بالعون الذاتي.

اجتمع الأهل للبت في المسألة و اختيار الموقع المناسب و الخيارات المتاحة. 

كان هناك اقتراح بتحويل الشفخانة الي مدرسة شرط توسيع المساحة.

اقتراح التوسع لم ينجح لصعوبة إقناع الملاك.

استقر الأمر في  آخر المطاف تحويل  النادي الي مدرسة و نقل نشاط النادي الي الشفخانة.

و بما ان النادي كان يحتوي على غرفة واحدة تقريبا فقد اتفق شباب القرية إقامة فصول اضافية بالعون الذاتي.

تم تركيب (وابور) مؤقتا في بير النبي و اعادوا  تأهيل جدول (سيلين مرتي)  لتوفير المياه اللازمة لبناء المدرسة.

كنت متواجدا في البلد في  تلك الأيام الجميلة حيث شارك كل قطاعات تبج من كبار، شباب و أطفال. 

و اكتشفنا ان من بينهم من يستطيع البناء و تركيب الأبواب و الشبابيك.

شارك الجميع في بناء المدرسة بتكاتف و انسجام و حب.. و في غضون ايام كانت المدرسة مكتملة الأركان بتضاعد الرجال و مساهمة النساء في جلب الطعام و المياه و الشاي و العصير. 

روح تبج في التميز  و ابهار من حولنا كانت ظهرت في ميادين كرة القدم. 

و التاريخ سجل من قبل

بأن فريق تبج الرياضي اول من فاز بالدوري و امتلك الدرقة الجميلة التي صنعتها أيادي المبدع عثمان حسونة.

و تكاتف أبناء تبج في بناء المدرسة ذكرني بمجدنا في ميادين كرة القدم حينما اصطفت اللواري باللعيبة و المشحعين و عانق الهتاف الجو:-

الكأس، الكأس شلناه خلاص

تبج تبج مدرسة

لعب و فن و هندسة.

و خرجت الجموع لاستقبال ابنائهم و ازداد إعجابهم اكثر حينما سالهم اصحابهم من الضواحي:-.

انتوا بتاكّلوا أولادكم شنو. 

كناية عن طاقات لم تكن تفتر و لا تستكين. 

و كان بناء ملحمة المدرسة كملحمة مشروع ( اسبينتو الزراعي)، ففي ايام قليلة استطاع شباب تبح رفع جدول عملاق في منتصف الميدان (البور) أسفل سهران. 

فامتلك الجميع من رجال الي نساء الأحواض التي تفي بعلف (ماشيتهم) . 

و ارتبط مشروع اسبينتو بالحوار الذي دار بين عمنا هاشم محمد بدر و الذي قام برى احواض تخص عمتنا فاطمة محمود نسبة لتأخرها. 

حينما أتت الحاجة فاطمة محمود للمزرعة بادرها عمنا هاشم 

قائلا:-

بابة مهمود، اي زرع انقا ديقيش

يا فاطمة قد قمت برى حياضك 

فسكتت الحاجة فاطمة و لم تعقب. 

لكن

عم هاشم ينتظر فيما يبدو 

كلمة 

شكرا

فكرر لها نفس العبارة 

مرة اخري

و هي تلوذ بصمتها

و حينما اعاد كلامه للمرة الثالثة

قالت قولتها التي ذهبت كلمة يرددها الناس حتى الان

تفركير اورا اوكريا 

(أ أضعك تاجا على رأسي.) 

هكذا يحكي التاريخ عن تبج

و هكذا سنعيد مجدها بتعاونكم و يبقى الود بيننا عامرا

ودمتم بخير

على عبد الحليم محجوب 

.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)