قصة حياتي (محمد عبد الحليم محجوب)

بدأت حياتي الدراسية بخلوة المرحوم الشيخ محمد صالح الذي جاء به المرحوم القاضي كدودة لتعليم أبنائه القرآن . 
وكان المسيد في جزء من منزله الشرقي ( منزل تجاني ومحمد نور والهادي وأمير ) 
وعندما بدأنا الدراسة أتي كل طالب بعنقريبه لأن الدراسة كانت تبدأ بعد المغرب بقليل وتنتهي بعد العشاء بقليل وننوم لنصحي لصلاة الصبح وتبدأ الدراسة بعد الصلاة وحتي الساعة الثامنة صباحاً تقريباً . كان يُصرف لكل طالب لوح وفي مرحلة عدم معرفتنا بالقراءة والكتابة ، كان يحدد الشيخ لنا السور و الآيات التي علينا حفظها . وكان يسبق كتابة الايات والسور تعليمنا للقراءة والكتابة . وبعد تعلمنا كان يملينا الشيخ السورة ونكتبها نحن كل في لوحه . وكنا نحضر الحبر في علبة صلصة أو زجاجة صغيرة ، من شعر الغنم .. حيث نصب عليه الرماد وقليلاً من الصمغ ثم نضيف الماء ونخلطهم مع بعض . أما القلم ، فكنا نأتي ببوص الذرة ونبريه أقلاماً . وأذكر من زملائي في الخلوة المرحوم عثمان عبده بدر وكان متقدماً علينا كثيراً وأتم حفظه للقرآن في فٓريق بالمحس . والمرحوم أحمد علي همد والمرحوم عبدالودود حسين والمرحوم محمد محمد صالح . وقد حفظت بالخلوة حتي الإنتهاء منها للإلتحاق بالأولية حتي جزء قد سمع .

الأولية :-

إلتحقت بمدرسة عبري الأولية بالمبني الذي مُنِح مؤخراً لشيخ قرية عبري المرحوم داؤود أحمد دياب .
اجمل .وكانت السنة الأولي في ذلك الوقت مُعتبرة كمدرسة تحت الدرجة وليست تابعة للأولية . وكان أستاذنا في ذلك الوقت هو المرحوم الشيخ محمد أحمد خاطر . وكان من أغرب ما نُدٓرٓس في ذلك الوقت هو كيفية العناية بالحصين علماً بأننا لم نري حصاناً واحداً في ذلك الوقت . وبعد عامين في تلك المرحلة إلتحقت بمدرسة وادي حلفا الأولية ( بالسنة الأولي ) التي كانت تحتل جزءاً من مبني المدرسة الوسطي والتي كانت في ذلك الوقت نصف مدرسة . وتنقلت بها حتي السنة الثالثة وعدت إلي عبري الأولية لأكمل الثالثة والرابعة لألتحق بعدها بالندرسة الوسطي بوادي حلفا . والجدير بالذكر هنا هو أن ناظر المدرسة الأولية الشيخ محمد مكي تقاعد بالمعاش ونحن في السنة الثالثة وحتي تقاعده كان الطلبة يعيدون في كل مرحلة لأكثر من عامين أو ثلاث . لأن طلبة رابعة لسنين طويلة لم ينجح منهم أحد في الدخول إلي المدرسة الوسطي بحلفا ، فكانوا يعيدون في المدرسة عاماً بعد عام إلا من كان يترك الدراسة للزراعة أو السفر إلي مصر . فكان ما يحدث في السنة الرابعة يتبع تانية وثالثة إلي نفس المصير حتي جاء الناظر الشيخ عبدالله عبدالماجد ، والد الأستاذ صادق عبدالله عبدالماجد الذي أحدث ثورة في المدرسة . وإمتحن طلبة السنة الرابعة أول دفعة بعد حضوره ونجح منهم عدد كبير في الوسطي أذكر منهم ، الصديق المرحوم د. فتحي المصري والصديق المرحوم د. عمر محمد عثمان ومحمد كيلاني همد والمرحوم محمد داؤود بدر . وفي العام الذي يليه إلتحقت بالوسطي مع عدد محترم أذكر منهم الصديق عباس حسن المصري وطه محمد طه .
وكما سبقت الإشارة فقد كانت مدرسة وادي حلفا الوسطي نصف مدرسة تكملها ندرسة بربر الوسطي . تم تقرر ترقية المدرستين حلفا وبربر إلي مدرستين كاملتين ، ووجدت مدرسة حلفا عند إلتحاقي بها تتكون من أولي ( نحن ) وثانية ( د. فتحي المصري وزملاؤه ) وفي الرابعة متخطية المرحلة الثالثة ، ( المرحوم محمد ميرغني مبارك والنرحوم متوكل محمد الأمين وزملائهما )
ملحوظة :-
١- حتي عام ١٩٣٨ كان عدد المدارس الأولية بالسودان ٩٦ مدرسة وعدد الندارس الوسطي ١١ مدرسة والثانوية واحدة فقط .
٢- كان الذين يجلسون لإمتحان الوسطي بوادي حلفا هم طلبة مدارس دلقو - عبري - حلفا دغيم - حلفا المدينة - أرقين - دبيره
ويُقبل منهم أربعين طالب بالوسطي . 
أما الثانوية الوحيدة ( كلية غردون التذكارية ) فكانت تقبل من المدارس الإحدي عشر ، ١٣٥ طالبا فقط .
كنتُ الأول والوحيد ( التبجكي أو التبجاوي ) الذي إلتحق بمدرسة وادي حلفا الوسطي إستثناءاً لمن يكونوا قد إلتحقوا بالمدارس المصرية أو العم العزيز المرحوم علي محجوب والأخ العزيز المرحوم عبدالعزيز محمد محجوب الذين درسا ببربر الوسطي .
ثم توالت الأجيال ، فإلتحق محمد حسن محجوب والمرحوم عبدالودود حسين ثم المرحوم محمد أحمد حاج حتي وافت المنية وادي حلفا ذاتها في مدارسها وأحيائها وأمواتها حين غمرتهم مياه السد العالي .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)