يوميات اوي سود



كل شئ كان في القرية ساكنا. فسماع صوت لوري او (بوري) كان كافيا لاخراج معظم افراد القرية لمشاهدته.
اما حركة الناس بحميرهم لم يكن ليثير انتباه احد حتى لو ارتفعت ثرثرتهم.
رتابة الحياة كانت تتنفس بحركة اللواري و قدوم المسافريين.
  أما المفاجأة أن تنهزم رتابة حياتنا في القرية من جانب البحر فقد كان حلما
او اكثر من حلم.
صافرة ضخمة هزت اركان القرية الوادعة.
كنت كمعظم اطفال القرية متحررا من الحذاء و كثير من مخيط و محيط.
انطلقت نحو البحر ( النيل) حيث كنت منسيا وسط زحام تدافع معظم اهل القرية نحو البوق الذي كان ياتينا من صوب البحر
كان منظرا خلابا حيث كان ما يشبه البيت الصغير يتحرك جنوبا وسط مياه النيل الخالد.
لكنه كان بعيدا من الشاطي.
كلما ازدادت تلويحات الجموع كان يستجيب باطلاق البوق الذي يختلط بصداه مخرجا صوتا يزلزل اركان القرية.
كانت مسامعي تلتقط ( كلمة بابور ثريا) و كلمة باخرة.
كنت في قمة الفرح منتشيا باطلاق ساقي جنوبا تجاه حركة تلك الباخرة.
تارة اقصد النهر و تارة ابتعد عنه  الى (القيف) هادفا الا تغيب تلك الباخرة عن ناظري.
و رويدا كنت ازحف مع جموع تزداد جنوبا حيث نما لعلمنا انها سترسى جنوبا بعد مسافة قصيرة.
و رويدا
توغلنا نحو تلال من الرمال
و رويدا بدأت أشعر بحرارة تزداد في قدمي الصغيرتين.
و تحولت متعة متابعة الباخرة الى شقاء طاغي.
كنت قد بدأت اغوص كثيرا في الرمال و تزداد حرارتها  فاصبحت اصرخ و أستغيث.
اختاي (فريال و بتة) لمحتاني في هذه الحالةو قامتا بسحبي من الكثبان الحارقة صنعتا لي حذاء ارضيته ( عبشروق جريد نخل برباطات من سعف الجريد)،
 و نسيت ما ذقته من احتراق فواصلت اندفاعي على الكثبان  و لم يحتمل الحذاء (الجريدي) عبثي فصرت استغيث و اصرخ الى ان كررتا اختاي شد سعاف جديدة ( للاشبروق).
و لم اعد الى منزلنا الا مع الجموع.
 تلك قصة صغيرة ربما اعجبتك لكنها للاسف كانت سلسلة من مخططات النظام المصري لتحطيم الشلالات بتحريك البواخر و كسر شموخها كما كسروا من قبل أنوف تماثيل صنعها اجدادنا.
عفوا التاريخ لا يموت
علي عبد الحليم محجوب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)