سيدنا ابو بكر و أحداث ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم
سيدنا ابو بكر الصديق
نسبه مع الرسول صلى اللع عليه و سلم ؛ قال عنه النبي صلى الله عليه و سلم في اخر خطبة اثناء مرضه الذي مات فيه :
( أيها الناس ، دعوا أبابكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبابكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا )
كان كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حاسما ناهيا لكل الصحابة بأن يتركوا ابا بكر.
و كان هذا الحسم الواضح من النبي (صلى الله عليه وسلم ) بان يدعو ابابكر و شأنه لان أبابكر أجهش بالبكاء و علا نحيبه قائلا : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناك بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا
حينما سمع النبي (صلى الله عليه وسلم ) يقول :
( أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله )
فعلم ابو بكر أن هذا العبد انما هو النبي (صلى الله عليه وسلم ) وكانت ردة الفعل الطبيعية لمعرفته بأن النبي قد خير بين الدنيا و بين مقعده من الجنة فاختار الموت من البقاء حيا.
أما ردة فعل بقية الصحابة على ابي بكر فكانت لاعتقادهم بان ابا بكر يقاطع النبي (صلى الله عليه وسلم ) أثناء حديثه.
هؤلاء هم الصحابة الذين اختارهم الله لمرافقة النبي (صلى الله عليه وسلم ) في الدنيا , لكن ماذا عن المسلمين الذين اتبعوه من بعده هل تذكرهم النبي (صلى الله عليه وسلم ) قبل موته ؟؟
كانت اخر كلماته التي اختتم بها اخر خطاب له قبل الموت هو :
أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامة).
وايضا قال حينما رجع من زيارة شهداء احد باكيا قبل هذه الخطبة بفترة قصيرة:
اشتقت إلي إخواني
قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟
قال : لا أنتم أصحابي، أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني
اللهم اجعلنا و اياكم من هؤلاء القوم (اميـــــــــــــن)
لكن ماذا قال النبي صلى الله عليه و سلم حينما احس ان الصحابة مشفقون عليه و يخافون موته ؟
أيها الناس ان موعدكم معي ليس الدنيا , موعدكم معي الحوض.
(اللهم اجمعنا معه في الحوض)
إنكار عمر لوفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :
بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى ، وانشغال علي ومن معه من أهل البيت عليه السلام وبني هاشم بتجهيز الجسد الطاهر ، كان المهاجريون مجتمعين في المسجد ، وقد علا صوت عمر معلنا إنكاره لوفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
بقوله : ( والله ما مات رسول الله ، وليبعثنه الله ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ) .
وكان أبو بكر في غضون تلك الأثناء في السنج ، خارج المدينة ، ولما رجع وعلم بوفاة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، خرج إلى المسجد
وقال لعمر : ( أيها الحالف على رسلك . . ألا من كان يعبد محمدا " فإن محمدا " قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) ثم تلا قوله تعالى :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا " وسيجزي الله الشاكرين ) [ آل عمران / 144 ] .
وسقط السيف من يد عمر بن الخطاب، يقول: فعرفت أنه قد مات... ويقول: فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه وحدي لأبكي وحدي.
كان جميع الصحابة يخشون هذة اللحظة , حتى سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب كان يخشى من ان تتفرق العرب وتعود الامور كسابق عهدها قبل الاسلام.
كلهم كانوا أقوياء و خاصة عمر بن الخطاب , لكنهم جميعا كانوا يستمدون هذه القوة من النبي صلى الله عليه و سلم
هكذا قال الامام علي بن ابي طالب في ما معناه 0 انهم كانو اذا اشتدت الحرب و حمى الوطيس كنا نحتمي برسول الله ((صلى الله عليه و سلم))
الفتنة في المدينة
الانصار يختارون سعد بن عبادة خليفةوأما الأنصار ، فقد اجتمعوا سرا " في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة منهم ، كان أبرز الطامحين لذلك المنصب زعيم الخزرج ، سعد بن عبادة ، وزعيم الأوس ، أسيد بن حضير ، وكان بين القبيلتين تنافس قديم وتحاسد .
وقام سعد وخطب فيهم :
( يا معشر الأنصار ، إن لكم سابقة في الدين ، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبث في قومه بضع عشرة سنة ، يدعوهم إلى عبادة الرحمن ، وخلع الأوثان ، فما آمن به إلا قليل . . . حتى أراد الله تعالى لكم الفضيلة ، وساق إليكم الكرامة ، وخصكم بالنعمة ، ورزقكم الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والمنع له و لأصحابه و الإعزاز لدينه ، والجهاد لأعدائه ....
إلى قوله : ودانت بأسيافكم له العرب ، وتوفاه الله تعالى وهو راض عنكم ، قرير العين ، فشدوا أيديكم بهذا الأمر ، فإنكم أحق الناس وأولاهم به ) .
وقد كان طمع الأنصار بالإمارة ليس فقط للأسباب التي ذكرها سعد بن عبادة ، وإنما أيضا " بسبب تخوفهم من بعض قبائل قريش إذا استلموا الإمارة ، والذين قتل منهم الأنصار عددا " كبيرا " في غزواتهم مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
ولما كان سعد بن عبادة هو المرشح الأقوى للخلافة بين الأنصار ، ذهب اثنان من قبيلة الأوس حسدا " لسعد وهما معن بن عدي ، وعويم بن ساعدة ، وأخبرا أبا بكر وعمر - اللذين كانا حينئذ في بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باجتماع الأنصار ، فأنطلق الشيخان مسرعين إلى السقيفة دون أن يخبرا أحدا " بالأمر ، ولقيا أبا عبيدة بطريقهما فرافقهما .
أبو بكر وعمر في مواجهة ساخنة مع الأنصار
وفور دخول الثلاثة إلى السقيفة ، قام سعد بن عبادة ، خاطبهم
قائلا : ( أما بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهط ، وقد دفت دافة من قومكم ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ، وأن يحضنونا من الأمر ) .
فأراد عمر أن يرد عليه ، فقال له أبو بكر على رسلك فقام وخطب
قائلا ": ( . . . فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما "، والناس لنا فيه تبع ، ونحن عشيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا " ، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا لقريش فيها ولادة . وأنتم أيضا والله الذين آووا ونصروا ، وأنتم وزراؤنا في الدين ، ووزراء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر اختلافه على أيديكم ، وأبعد عن أن تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم ، وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر ، وكلاهما قد رضيت لكم وهذا الأمر ، وكلاهما له أهل ) .
فقال عمرمخاطبا ابا بكرا
: ( بل نبايعك أنت ، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ) .
فقام الحباب بن المنذر وهو أحد وجهاء الأنصار والمؤيد لتأمير سعد بن عبادة وقال : ( فنحن لا نحسدكم على خير ساقه الله إليكم . . . ولكنا نشفق مما بعد اليوم ، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم ، فلو جعلتم اليوم رجلا " منا ورجلا " منكم بايعنا ورضينا ، على أنه إذا هلك اخترنا آخر من الأنصار ، فإذا هلك اخترنا آخر من المهاجرين أبدا " ما بقيت هذه الأمة ) .
وكان قول الحباب حسب رواية البخاري : ( أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش . فكثر اللغط ، وارتفعت الأصوات ، حتى فرقت من الاختلاف )
ومع تأزم الموقف إلى هذا الحد ،
قام عمر وقال بشدة : ( هيهات أن يجتمع سيفان في غمد واحد ، إنه والله لا يرضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا لمن كانت النبوة فيهم و أولو الأمر منهم ، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين لا ينازعنا سلطان محمد وميراثه ، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة ! ) ( 1 ) .
فرد الحباب بن المنذر
: ( يا معشر الأنصار ، أملوا عليكم أمركم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه ، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر ، فإن أبوا عليكم ما سألتم ، فاجلوهم عن بلادكم ، وتولوا هذا الأمر عليهم ، فأنتم والله أولى بهذا الأمر منهم ، فإن دان لهذا الأمر ما لم يكن يدين له بأسيافنا . أما والله إن شئتم لنعيدنها جذعة ، والله لا يرد علي أحد إلا حطمت أنفه بالسيف ) ( 2 ) .
إنشقاق الأنصار ومبايعة أبي بكر
لما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اتفق عليه قومه من تأمير ابن عمه سعد بن عبادة - كما يروي ابن قتيبة - قام حسدا " لسعد ، وأعلن تأييده للمهاجرين واستعداده لإعطاء البيعة لهم ،
فقام أبو بكر ورشح عمر أو أبا عبيدة للإمارة ، ولكنهما قدماه للأمر وبايعاه . ولما سبقهما إليه بشير الأنصاري وبايعه ، ناداه الحباب بن المنذر قائلا " : يا بشير بن سعد ، حسدت ابن عمك على الإمارة ؟ قال : لا والله ، ولكني كرهت أن أنازع قوما " حقا " لهم ( 3 ) .
ولما رأت قبيلة الأوس ما صنعه بشير بن سعد ، وعلمهم برغبة الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، قال زعيمهم أسيد بن حضير : لئن وليتموها سعدا عليكم ، لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة ، ولا جعلوا لكم نصيبا " فيها أبدا ، فقوموا فبايعوا أبا بكر ، فقاموا إليه وبايعوه .
وترى السيدة عائشة حسب ما رواه البخاري أن العامل الحاسم في إعطاء البيعة لأبيها لم يكن تحاسد الأنصار ، وإنما : ( فما كان من خطبتهما - أبي بكر وعمر - من خطبة إلا نفع الله بها ، لقد خوف عمر الناس ، وأن فيهم لنفاقا " فردهم الله بذلك ) ( 1 ) .
وهكذا بايع كل من حضر السقيفة من الأوس والخزرج باستثناء الحباب ابن المنذر وسعد بن عبادة ، والذي اعترضهم أثناء تقدمهم لإعطاء البيعة ، فطرح أرضا " حتى كادوا أن يطأوا عليه ، فقال : قتلتموني . فقال عمر : اقتلوه ، قتله الله ( 2 ) .
خروج سعد بن عبادة من المدينة
ومن المعلوم أن سعدا " فارقهم منذ ذلك الوقت ، ولم يصل معهم ، ولم يجتمع باجتماعاتهم حتى قيل إنه لو وافقه أحد على قتالهم لقاتلهم .
ولم يزل كذلك حتى ولى عمر بن الخطاب ، فخرج إلى الشام دون أن يبايع لأحد ، بل قال لعمر عند خروجه : إني أصبحت كارها " لجوارك . وعلى حسب بعض المصادر التاريخية أن سعدا " قتل في الشام على يد الجن .
المهاجرون يبايعون أبابكر
وبعد حصولهم على بيعة الأنصار ، انتقل أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة إلى المسجد حيث وجدوا بني أمية وقد اجتمعوا على عثمان بن عفان ، وبني زهرة على سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف .
فقال لهم عمر : قوموا فبايعوا أبا بكر ، فقد بايعته وبايعه الأنصار فقام عثمان وسعد وعبد الرحمن فبايعوا .
مغزى مبايعة بنو امية لسيدنا عثمان بن عفان
يعتبر بنو امية من اكبر بطون قريش وفي موقعة الحديبية يذكر التاريخ ان الرسول صلى عليه و سلم سلك طريقا غير الطريق الذي انتظره فيه المشركون لانه لم يكن ينوي القتال بل العمرة وبعد ان ارسلت قريش الوفد تلو الاخر و منه حليس. و حينما ظهر حليس قال الرسول صلى الله عليه و سلم اظهروا له الهدايا (جمع هدي ) فلما اتى حليس و رأى البدن و الجمال ,وقد قلدت , علم ان الرسول صلى الله و سلم يريد بيت الله و ليس القتال.
و لما رجع حليس الى قريش و اخبرهم برايه لم يقتنعوا فأرسل الرسول صلى الله عليه و سلم احد الرسل لكن قريش سلبته و حبسته لكنه استطاع ان يتحرر و ان يعود اليهم بدون ركبه الذي مضى به الى قريش.
فقام الرسول صلى الله عليه و سلم باختيار عمر بن الخطاب ليكون رسوله لقريش لكنه اعتذر و رشح عثمان بن عفان لهذه المهمة لما له من وزن في بني امية.
و ايضا أدت و فاته الى اندلاع الفتنه الكبرى لان الكثيرين لم يؤيدوا الامام عليا بن ابي طالب و طالبوه باخذ الثار من قتلة الخليفة عثمان بن عفان الذي كان ذو ثقل كبير في بني امية.
وحين ذهاب سيدنا عثمان الى قريش وجد أباه الذي جعله في جواره و رغم قبول قريش لوفادته الا ان اشاعة قوية انتشرت بين المسلمين بأنه قد قتل و هنا كانت بيعة اصحاب النبي له بالقتال تحت شجرة و سميت ببيعة الشجرة و ببيعة الرضوان.
( لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم و أ ثابهم فتحا قريبا) الاية 18 سورة الفتح
(لمزيد من المعلومات يمكن قراءة الفتنة الكبرى لطه حسين )
ويذكر المؤرخون أن عمر كان يحمل بيده عسيب نخل يحث بها الناس على البيعة .
المصادر
(1) ابن قتيبة الدينوري ، الإمامة والسياسة ، ج 1 ص 23 .
(2) صحيح البخاري ، كتاب فضائل الصحابة ، ج 5 ص 14 .
(3) ابن قتيبة الدينوري ، الإمامة والسياسة ، ج 1 ص 23 - 24 .
(4) صحيح البخاري ، كتاب المحاربين من أهل الكفر ، ج 8 ص 542 . ( * )
لمزيد من البحث يمكنك تحميا هذه الكتب القيمة و غيرها من مكتبة المصطفى عن طريق قوقل سيرش (بى دى اف )
الفتنه بين الانصار
تعليقات