خلوة تبج (الجزء الاول)



  السيد| محمد( سيد أحمد قرنى)
حكى الاخ محجوب ان الاهالي في تبج كانوا في الزمن البعيد , في زمن لم يحضروه , كان يضج برجال كانوا يتملكون الجواري و الغواني. و كان الواحد منهم اذا استبد به الشراب وضع جاريته على كتفه و هي تغني له بقوته و فروسيته يصل بها القرى المجاورة القرية تلو القرية.
كانوا هكذا سواء بسواء ككل القرى المحيطة بهم.
ثم أتى الازهريون كالقاضي حسين و القاضي عثمان محجوب و القاضي كدودة و استنكروا عليهم مثل هذه الافعال و كانت استجابة الناس حاضرة فبدوا بانشاء الخلوة لتعليم و تحفيظ القران الكريم.
و كانت الخلوة في بدايتها في جزء من منزل القاضي كدودة ثم تم ترحيلها الى مقرها الحالي في المنطقة المحصورة بين منزل الشيخ طه غربا و( بنات) شمالا و جنوبا خلوة الامام عبد الرحمن محمود و شرقا منزلي( بابا صافي + منزل مصطفى احمد عبد الرحمن (الجديد))
ثم التزم الناس و حسنت سلوكياتهم فاهتموا بارسال ابنائهم الى المدارس حتى صارت تبج شعلة وسط القرى المحيطة فخرجت ابناءها في جميع التخصصات.
ثم صارت تبج من القرى النموذجية في استباب الامن و خلوها من الاقتتال عكس ما كان يحدث من حوالينا شمالا و جنوبا. أشرنا الى ان الشيوخ أمثال الشيخ طه كان لهم دور في ذلك.
الا ان الدور الاساسي واللبنة الاولى كانت لهؤلاء القضاة و الخلوة التي انشاؤها.
الخلوة مرت بفترات من عدم الاستقرار لعدم ثبات شيوخها و الذين كانوا يتركونها في حالة وجود عرض افضل. أجتمع الاهالي في تبج لمناقشة هذا الامر و خلصوا على انهم لابد لربط الشيخ الجديد للخلوة بتبج , لابد لهم من أن يزوجوه من تبج , و لابد لهم من منحه سلاليك حتى يكون له ما للاهالي و ما عليهم عليه.
و جاء الفقير محمد صالح من جهة(ايماني , اقدي) لخلوة تبج فزوج له القاضي كدودة ابنة أخته زهرة خليل (شقيقة عبده خليل) و اعطاه بعض السلاليك.( الفقير لقب اطلقه حفظة القران الكريم على انفسهم لمنع النفس من التكبر)
و طاب للفقير محمد صالح شيخ الخلوة المقام في تبج و قد احب تبج و أهله وزوجته كثيرا الا انها لم تعش طويلا فتوفيت بعد ان أخرجت للدنيا و الدتنا فاطمة و خالتي رقية و الدة الطيب فتحي جعفر كدودة.
استمر الفقير في خلوة تبج و تزوج من عبري من الحاجة (نفيسة قباني) و أنجب منها ابراهيم (نسيب أخي محمد حاليا), محمد الخير و فتحية * و الدة الشيخ محمد سرالختم.
وعاود الحنين (لمسقط رأسه) الفقير شيخ الخلوة فقرر الرجوع الى دنقلا, تبج لم تقبل هذا الكلام فكيف يترك الخلوة بعد كل ما فعلوة من مصاهرة و منحه اراضي للشتول.
صمم الفقير على الرحيل مع كل بنيه , و انتشر هذا الكلام مع خبر مفاده ان الفقير ينوي تزويج بنتيه لاولاد اخوانه في دنقلا.
كان وقع الخبر على القاضي كدودة مؤلما الذي فقد بنت اخته و بناتها على وشك الفقدان.
و كان بينهما مودة و احترام متبادل استطاع استغلالهما لمعالجة هذا الامر مع الفقير محمد صالح فزوج رقية (الصغرى) لابن اخيه فتحي جعفر  , و رقية لم تكن قد بلغت الحلم بعد .
و لاحقا تزوج الحاج عبد الحليم محجوب من فاطمة.
و استطاعت تبج بغيرة أهلها من استعمال الحنكة و النفوذ لاستثناء بناتها من الرحيل و ابقائهما في تبج و يعلق الخال ابراهيم محمد صالح ان قبول والده لابنتيه بالبقاء في تبج سبب له حرجا واسعا مع أهله في دنقلا. حيث كانوا يرون في تخلف البنتين بتبج دون مرافقة والدهما نقطة ضعف في شخصيته, وسبب له الكثير من الاحراج مع ذويه. لم يكن هذا الامر ليثمر لولا قوة شخصية القاضى كدودة .
و هذا التمسك بالبنات بنفس قدر التمسك بالذكور كان هو ملامح قوة أبناء تبج في ذلك الزمان.
و كان جدي الى جانب حفظه للقران يجيد زراعة النخيل بطريقة جديدة و ذلك بزراعة النوى و تغطيته بشوال ,فاذا نفذ الزرع من خلال الشوال تركه فهذا يعني انه مشروع نخلة , و أما اذا لم ينفذ خلال الشوال فيقتلعه لانه (لقاح)
و عن بعض الطرائف في البلد , حكى لي جدي ضاحكا ان سيد احمد قرني اندهش حينما راه ينسج عنقريبا بالحبال و
قال : هذا الرجل يجيد كل شيء و لايعيبه شئ سواء دنقلاويته.
ما أذكره عن عبده خليل (خال والدتنا و الخالة رقية عليها رحمة الله) قليل فلا أذكر سوى ابتسامته العريضة و شباك السمك التي تلتف تارة حول الاسماك في النيل و تارة حول جذوع النخيل التي داخل منزله.كان يمتلك مكتبة ضخمة فيها كتب مختلفة الاحجام و كان كثيرا ما يطلع عليها. و كان من ا لمداحيين الذين يجيدون الانشاد بصوت جميل.
ومثل عبد خليل قمة الوفاء لاخته زهرة المتوفاة بالاخص بعد وفاة و الدته الحاجة فاطمة كدودة (بابا دوي) حيث عاشت ردحا من الزمن بعد وفاة أبنتها (زهرة).
أحسن عبد خليل تربية بنتي اخته مع زوجته (فاطمة أحمد شدة) حتى كان من العسير التفريق لأي منهما تتبعان هاتان اليتيمتان لذا ببساطة استطاعت الحاجة فاطمة ملا الفراغ الذي ولدته وفاة الام و الجدة من بعدها و كان عبده خليل الخال و الاب مع وجود القاضي كدودة الجد و الراعي لهما والذي صنع المستحيل لابقائهما في تبج.


فتحية * : خالتي توفت يوم الجمعة 1 |10|2010 بمستشفى دنقلا التتخصصي , كنت في الطريق اليها حينما جاءني خبر الوفاة , اسأل الله لها الرحمة و ان يسكنها الجنات العلا مع الصديقين و الشهداء.


خالى المرحوم  الاستاذ محمد هاشم محمد صالح (دأب الاهل في تبج مناداته بمحمد فقير ) كان مرافقا لوالده حين حضوره لتبج لان و الدته من جهة مقاصر كانت قد توفت قبل ارتحال الفقيرالى تبج.
يحكي عن أترابه بكل خير و كان دائما يسأل عن السيد محمد عبد الحليم محجوب و كان يصف صوت تلاوته بالجميل جدا.
اللهما اغفر له و لوالده و لموتى المسلمين كلهم و متع الاستاذ حليم بالصحة و العافية.


الشيخ محمد الخير محمد صالح رحل الى دنقلا مع والده يحكى عن الفقير محمد صالح و هجرته من تبج






























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)