و مضى رجل من الصالحين
الموت حق و كلما كبرنا في العمر يهزنا موت الاحباب كثيرا
كان قريبا من الجميع ,بل هو الوحيد الذي أخذ على عاتقة ضرورة زيارة كل من له به صلة , سواء ان كانت هذه الصلة رحما , بلدا او صداقة.
وقع خبر موته كالصاعقة على الجميع , ربما لعدم سماع الاغلبية بمرضه القصير و الرحيل السريع.
كان الجميع يتمتم في حسرة انهم فقدوا شخصا كان يتفقدهم على الدوام دون الانتظار من الاخرين رد زيارته كما ينتظر الجميع لكنه لم يكن كأحد منا.
كان فريدا في منهجه في الحياة فاختار حياة بسيطة و تعلق قلبه بحب شتل النخيل و حب الناس و تفقدهم و تعلق قلبه بزيارة المساجد و حلقات التلاوة فيها.
و اختار قدميه كأقدم و سيلة للترحال , فسار بهما مسافات لا أظن أن احدا ينافسه فيما قطعه من أميال عديدة دون ابه للالم و الحر و العطش.
كانت له فراسة لا مثيل لها في معرفة الاهل و الاقرباء , فما ان قال ان ذاك يشبهنا و انه من أهلى و الا كانت فراسته هي الصادقة .
قبل وفاته بقليل كان مع أخي عثمان عبد الحليم مساء فيما لاحظ جاره يدخل الى منزله فقال لعثمان ان هذا الشخص منا .
لم يقتنع عثمان بهذه الافتراضية نظرا لان هذا الشخص من دلقو. لكنه اقترح عليه بان يسجل له زيارة و يعرف حقيقة احساسه , استطاع عثمان من ان يقنعه لتأجيل الامر لزيارة صباحية او نهارية نسبة لتأخر الوقت و افق على ذلك بل حدد اليوم التالي , لكنه قال له : صدقني الزول ده قريبي!!
بعد أيام من هذه القصة , كانت وفاة الشيخ قابل والد الحاج و كانت المفاجأة ان التقى عثمان بجارة في سرادق العزاء و سأله ان كانت هناك صلة قرابة بالمتوفى فأجاب بالا يجاب و بأن له قرابات كثيرة ب(أشمتو) , حينئذ حكى له عثمان باندهاش ما كان من امر صاحبنا.
كان يمتلك خطا جميلا و ربما اذا استخدم هذة المنحة الربانية لجنى منها الكثير من الرزق , لكن منظورة الحياتي كان أبسط من تعقيداتنا اللامتناهية في التشبث بالحياة و و سائل الكسب.
أخر مرة زارنا فيها سأل عن الحاجة الوالدة كعادته في كل زيارة وقد مكث معي كثيرا و تجاذبنا الكثير من الامور , لكنه كان فرحا لان والده قرر اخيرا الحضور للسودان و الاستقرار في البلد ب(اشمتو).
كان مزهوا بهذا الخبر , تشعر بسعادة حقيقية تنبعث من وجدانه حينما يتكلم عن و الده وقرب حضوره للبلد بعد غربة امتدت لعقود من السنين.
و رحل الفاتح دون ان يتمكن من زيارة قريبه الذي اكتشفه من دلقو ودون ان يسعد بقدوم و الده
أحسب ان الفاتح صلاح , الرجل الوفي هو شخص صالح ,
لا و لن يتكرر مثله كثيرا لانه كان أرق مما نعرفه و في كثير من الاحيان كنت اشعر انه كان شخصا عاديا الى ان توفت والدته عليهما الرحمة في مرحلة مبكرة من العمر كان يحتاجها.
وفاة و الدته بدلت منهجه في الحياة كثيرا و تحطم فؤاده انذاك و زهدا كثيرا عن حياة قاسية على من قلوبهم رحيمة.
أسأل الله العلي القدير ان يتقبل الفاتح قبولا حسنا و ان يوسع مدخله و يكرم نزله و الايفتنا من بعده و ال ايحرمنا أجره و ان يسكنه الجنات العلا مع الصديقين و الشهداء و حسن اولئك رفيقا و صلى الله على سيدنا محمد.
تعليقات