يابانيات (1)

             الزعيم الكبير مانديلا لم يخيب حسن ظن محبيه ابدا
قد أكون من المحظوظين الذين تيسرت لهم زيارة اليابان.
رجل رائع يدعي محمد الفاتح تابع كل اجراءات السفر الى اليابان ضمن وفد حكومي للتوقيع على عقد تنفيذ شبكات الخرطوم شرق و الذي هو من الاساس منحة من حكومة اليابان بواسطة
  JICA), JAPAN INTERNATIONAL COOPERATION AGENCY)
   خيرنا هذا الرجل الرائع بين السفر عن طريق الشرق مرورا بسلسلة مدن اسيوية او عن طريق الغرب مرورا بفرانكفورت بالمانيا. كنت ضمن ثلاثة اختاروا طريق الغرب بفرانكفورت.
استقبلنا السيد تاكادوشي ممثل الشركة اليابانية الاستشارية (NTC) بمطار ناريتا بطوكيو.
مطار ناريتا بني فوق سطح البحر , بالطبع بعد ردمه. شعب عظيم بانسانه , فقير في مساحة الياباسة فسخر بما لديه من علم و طاقة للاستفادة من مساحات شاسعة تحت البحر..
خطب فينا السيد تاكادوشي أن التأمين الصحي لشركتهم يغطي علاجنا أثناء الفترة المحددة للزيارة و قام باعطائنا أدوية و قائية حتى لا نصاب باية نزلات برد في اشتاء لم نعتاده من جليد متساقط و أشجار لم يبق منها سوى جذوعها و بعض الافرع.
حالة تلك الاشجار المتصلبة بالبرودة بعد أن افقدها الشتاء نضرتها و جمالها تجعلك تعرف لماذا يغني العالم الغربي ذو الشتاء القارس للربيع.
كانت اقامتنا في فندق هولدي ان بالقرب من الحي الصيني بيوكاهاما وقد برر السيد تاكادوشي سبب حجزه لنا في يوكوياهاما بدلا من طوكيو حيث عملنا هناك برر بأن العثور على فندق في يوكاهاما صيفا من المستحيلات و كذلك الامر شتاء في طوكيو.
  كلما استيقظ صباحا و أعددت نفسي للخروج كنت أجد صحيفة اليابان الرسمية بالانجليزية (JAPAN TIMES) تحت باب الغرفة مباشرة.
  في الاسبوع الثاني من فبراير 1990 , لا أذكر التاريخ بالضبط الا ان نشرة المساء كانت حافلة بخبر صاروخي و هو خبر اطلاق سراح الزعيم الافريقي المناضل نلسون مانديلا و الذي قبع في سجون النظام العنصري لاكثر من عقدين.
حين ظهورنا في شوارع طوكيوكانت سمرتنا تخدع بعض اليابانيين بأننا أمريكان , لكن, اليابنيون ينتبهون لاول مرة بأننا أفارقة , بل مع انبهارهم بسيرة الزعيم الكبير , رأوا بأننا أهله فكانت كلمة CONGRATULATIONS و فريدوم و فيكتوري تنهال علينا باعجاب شديد.
في الصباح , وجدت جريدة (JAPAN TIMES) أسفل سريري و ليس تحت باب الفندق كما جرت العادة , ربما كان قام(قامت) بفتح باب الغرفة لالقاء التهنئة على أهل مانديلا و لما وجدني نائما وضعه أسفل السرير مباشرة ليقول أنه يشاركنى الفرحة.
مساء ذهبنا للتسوق و شراء بعض الهدايا و حين دخولنا للسوق تفرقنا على ان نلتقي في الفندق.
كانت هناك فتاة تبيع الشمسيات البلاستكية (شفافة للحماية من المطر) و تحمل بعض التقويم (Annual Calendar),حينما أقتربت منها وضعت كل ما تحمل من بضاعة خفيفة على الارض و اذا بها تعانقنى بقوة و تقول لى مستر مانديلا!!!؟؟؟


فقلت لها أن مانديلا عمي , بالتأكيد كانت تعرف اني لست بمانديلا لكن الاعلام الياباني حينما تناول خبر اطلاق سراح الزعيم العظيم أسهب في سرد تاريخه و نضاله , لذا كان اليابانيون مفتونين بالزعيم العظيم و بمن كل هو  أسود.
حينما صاحت الفتاة باسم مانديلا و عانقتنى , تجمع معظم الباعة المتجولون حولي و قد أهداني  كل واحد منهم هدية اما شمسية مطر أو نتيجة العام الجديد.
كانت الهدايا كثيرة و كلهم يريدون مني أخذ هديته , لكن حمل تلك الهدايا كانت تحتاج لعربة أو ربما شاحنة.
كنت في تلك اللحظة بالنسبة لهم أمثل شخص الزعيم مانديلا و كان الامر محزنا للكثيرين اذ لم أستطع اخذ هداياهم حيث اني اخترت عددا و انا مغمض العينين حتى يعلموا انى احاول ان أقوم بدور عادل في اختيار هداياهم.
  الشعب الياباني عظيم بقدر ما يحب بعضه بعضا , فهم حينما يتلاقون كل منهم يسارع باحناء قامته للاخر اجلالا و ما حبهم للزعيم الذي لم يروه الا خلال شاشة التلفزيون الا ثمرة حبهم للحرية و الوفاء.

منشورات ذات صلة
http://matayssar.blogspot.com/2012/03/3.html

http://matayssar.blogspot.com/2012/01/blog-post_23.html



و نواصل













تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)

صخرة النبي موسى عليه السلام