يابانيات (3)


يابانيات3
مجموعة الاستشارين من NTC , مجموعة من مهندسي دار الهاتف السودانى ايام التجهيز للمشروع


رحلتى لليابان استغرقت عشرة ساعات من مطار فرانكفورت الى مطار ناريتا في العام 1990.
 كان السيد تاكى دوشى ممثل الشركة الاستشارية في انتظارنا.
حين الخروج من المطار وجدت عددا كبيرا من اليابانين و هم يحملون لوحات خشبية تحمل كلمات ترحيب للوافد الذي ينتظرونه  (فلان الفلانى مرحبا بك).
هؤلاء كانوا في انتظار أشخاص لا يعرفونهم , كل الذي بينهم معلومات عن الاسم, اما نحن كنا محظوظين لاننا نعرف السيد تاكى دوشي جيدا وبذا لم نتعرض للتوهان داخل المطار.
ذهبنا الى الحى الصينى بياكاهوما الى فندق  (هوليداى ان ) و الذي خصصوه لاقامتنا , كان الفندق جميلا و غرفها واسعة .
في تلك الفترة من اوائل يناير العام 90 لم تكن القنوات الفضائية قد بدأت بعد.
  كان عملنا متمثلا في تقييم المواصفات الفنية للمواد الخاصة بمشروع (اعادة تأهيل شبكات تلفونات الخرطوم شرق).
هناك تقنيات رأينا ضرورة تغييرها لانها كانت تعتمد على رباطات كوابل معينة لم نراها من قبل. تقنيتنا كانت تعتمد على ربط فردى للاسلاك و يمكن ان يقوم بها العامل الماهر بدون أجهزة معينة , فقط بواسطة (الزردية). التقنية الجديدة كانت تعتمد على اجهزة معينة ان لم تتوفر كان يمكن ان يؤدى الى توقف العمل.
كانوا في حالة اندهاش من رفضنا لاعتماد تقنية جديدة تمكن لربط عشرة اسلاك مرة واحدة. لذا قاموا بالاتصال بشركة اخرى طالبين منهم ارسال رسومات بشكل الجهاز المعنى بواسطة (الفاكس).
الفاكس كان تقنية جديدة لم يكن قد انتشر بعد عندنا بالسودان.كنا نسمع به فقط ولكن كانت المرة الاولى التى نشاهد فيها جهاز الفاكس!!!
اكتب هذا الكلام فقط لتكتشف ما تم من انجازات عالمية خلال تلك الفترة القصيرة من اجهزة استقبال فضائية و الفاكس و أهم منها كلها الشبكة العنكبوتية , الانترنت.
اليابانيون قوم في غاية الادب و يحترمون بعضهم البعض بشكل جم. كنت اندهش كثيرا حينما أراهم يحيون بعضهم البعض بانحناءة كبيرة للتعبير عن التقدير.
من الطرائف التى اكتشفتها هناك أن اليابان اصلها (نيبون ,Nippon) و بذا يلقون باللائمة على الاسبان. لانهم هم من اكتشفوا بلدهم فحرفوا الاسم  من نيبون, Nippon) الى جيبون و من ثم تدريجيا اى ان استقر التحريف عند (Japan).
لذا تجد اسامى الشركات الكبيرة تحتوى على كلمة (N) للدلالة على نيبون الاسم الاصلى الذي يعتدون به و يحبونه. على سبيل المثال تجد شركة
NEC, NIPPON ELECRIC COMPANY.
النظام الموجود في اليابان هو الذي يخلق من الانسان اليابانى شخصا دقيقا يضع للزمن حسابه و يضع الوصف الدقيق للاشياء ليتصورها كما هي  دون ترك المجال للتأويل
. فقد لاحظت ان غرفنا مجهزة بدائرة فيديوا و لتبدء تشغيل الفيديوا عليك ان تضغط على هذه الخيارات مرة واحده (ACCEPT TO PAY+ PLAY)و هناك دقيقة واحدة مجانية. خلال هذه الدقيقة عليك ان تقرر مواصلة مشاهدة الفلم من عدمه.
  و للمقارنة مع فندق شيراتون بفراكفورت , لك عشرة دقائق كاملة لتقرر ماذا تريد من الفديو.
ولان الانسان له قيمته الحقيقة في اليابان , فان الاجهزة التي تبيع المشروبات الغازية الياً سعرها منخفض بالمقارنة لنفس السلعة حينما تشتريها من البقالة.
ومن الاشياء التى تعجبك في اليابان احترمهم للضريبة , فكل أجهزة الكاشيير مصممة لخصم 3% قيمة ضرائب من كل المشتريات.و بذلك يتساوى الجميع في دفع ضريبة استهلاكهم مع ايصال دقيق لمشترياتك حسب رموز المواد التي اشتريتها.
ولان الدقة في اليابان اساس كل شئ , معظم البقالات مصصمة بجدار امنى بحيث اذا قام احدهم باخفاء قطعة دون دفع قيمتها وحاول الخروج بها , حينها تقوم أجهزة الانذار باطلاق الصفافير وحتى لا يحدث هذا يقوم البائع بمسح الاشعة بجهاز ازالة (موجة) لكل قطعة قمت بشرائها و دفعت فيمتها و استلمت ايصال بذلك.
ما لم أقله أن اليابانيين قاموا خلال المشروع الذي كنت فيه باعادة تأهيل كل شبكات الخرطوم شرق و الخرطوم 2 و كبانية بكافة شبكاتها في (بري الشريف) هدية منهم لشعب السودان , فماذا فعلنا نحن للشعب اليابانى العظيم نظير ما قدموه لنا؟؟؟

نواصل


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)

صخرة النبي موسى عليه السلام