الصمود للغة النوبية


  من أجمل ما سمعت من الامثال النوبية, المثل البليغ الذى يقول
(سقركا  كموني سقرن فندييا)
و معناه أن من لا يملك مركبا فهو لها وتد.
و لا يوجد في هذ المثل كاف التشبيه فلم يقل النوبيون (هو كوتد لها) , بل لبلاغة المعنى اختزل كاف التشبيه.
و هذا المثل يعكس صورة البيئة التي عاش فيها النوبيون من جزر و زراعة و وسائل تنقل شراعية.
فاذا كان الاسبان يتفاخرون بالابحار فنحن كذلك اول من صنعنا المراكب التي تسير على الانهار .
 وقد أكرم الله النوبيين بأنهار عذبة خاضوا فيها فوصلوا اصقاع بعيدة من أوجه الارض.
أذكر انى و انا طالب فى جامعة الخرطوم قمنا باسم اتحاد طلاب سكوت بالجامعة بعمل معسكر صيفي و شارك فيه الاخ الفنان الكبير مكي علي ادريس بسلسلة من الابداعات بمنطقة سركمتو و اذكر جيدا ان الاخ كمال مغازي (متعه  الله بالصحة و العافية) قد تبرع لنا بسيارة لاندروفر ببنزين كافي دون مقابل.
 الفنان مكي رفض ان ياخذ أجر نشاطاته  .
  اريد ان أوضح ان الاستاذ مكى لم يواصل مسيرته معنا مباشرة الى سركمتو بل تدلى فى منطقة  قريبه قبلها و فى مطيته جهاز تسجيل متعللا  بوجود امرأة مسنة تحفظ الكثير من التراث النوبى و أنه لن يترك هذه الفرصة بدون تسجيل ما يستطيع.
 و لما احس بقلقنا من ان يتاخر علينا و عدنا بانه لن يتأخر و قد كان.
  ماذا سيكون مصير هذه اللغة الصامدة فى حال قيام السدود المقترحة في الارض النوبية.
و لماذا لا تقوم السدود الا في المناطق النوبية .
ان أطماع المصريين في الارض النوبية لا تخفى على أحد و هم اذا يبنون سدودهم فى أوائل مداخل النهر عندهم فهذا فنيا و علميا يمكن فهمه, لكن ان تقوم دولتنا ببناء السدود فى اقصى الشمال فى نهاية حدودنا فأمر مستغرب ومتناقض مع هندسة بناء السدود عند بدايات الحدود و ليس فى اواخر الحدود.
 استطاع النوبة المحافظة على لغتهم رغم  تعرضهم لاعداد لا تحصى من الحروب.
و رغم انصهار قبائل و اقوام من شتى بلاد العالم نتيجة الحروب و الغزوات مع النوبيين فذابوا هم في النوبة و لم يبق الا النوبيون وصمدت اللغة النوبية رغم الحروب المختلفة , هل ستندثر اللغة النوبية بطوفان السدود؟
 هل هوس التوثيق الذي يقوده الفنانون أمثال مكى و من قبله وردى هو توجس باندثار اللغة النوبية.
ظلت اللغة وتدا راسخاً في الارض لم يستطع الحاقدون من نزعه , لنعمل لتعليم أبناءنا اللغة النوبية كما نعلمهم اللغات الاخرى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)