شخصيات من تبج (3), الخليفة محمد عثمان محمود عبد الرحمن (رحمه الله)

    الخليفة التقي محمد عثمان         محمود    عبد الرحمن

والد الاخ ميرغني واحمد (اروما) وجد كل من قمر و صلاح عثمان حسن عبد المجيد وعم محمد ومحمود يحى.
حفظ القران الكريم في خلوة الشيخ تاج السر بالبرقيق وعمل في وظيفة كاتب محكمة شرعية.
أول منطقة عمل فيها هي محكمة دلقو الشرعية و كان فتئذٍ عمنا الشيخ عثمان محجوب هو قاضى المحكمة.
تم نقله الى عبري فعاصر القاضي كدودة و القاضى الكنزي (من منطقة بُري) ثم القاضى عثمان دبر.
كان يتحرى الحلال في كل شيء فلم ياكل تمرا  قط الا من ثلاث
1. شتلته التي غرسها بنفسه .
2. أو من الحاجة امنه خالته.
3. او الحاجة فاطمة حليمة والدة (عائشة دودو)  و  جدة الاخ عمران توفيق.
والسبب الذي جعله يستثني الشخصيتين أعلاهما أنهما كانتا تعلمان أنه لا ياكل من بلح فيه شراكة فكانتا قد اقسمتا له بالله ان البلح (التمر) الذي يمدانه به انما هو من خالص حقوقهما و ان النخيل التي ياتيان منها الثمر , هي خاصتهما بدون شراكة ولا نزاع.
و يحكى عمران ملاحظته في فطور رمضان,ان الخليفة يأكل كل أصناف الطعام مع اخوانه في الفطور الجماعي , لكنه فيما يخص التمر (الرطب بالذات) لم يكن يتناوله قط من أقداح الاخوان رغم انه يشاركهم أكل كل الاصناف دون حرج ( و حجته ان الاطفال  لا يتورعون من قطف الرطب من اي نخلة يصادفونها). 
أذكره جيدا وهو على دابته (حماره الاسود) , كل الاهل في تبج الذين عاصروه يشهدون انه لم يحدث قط ان ضرب الحمار, بل لم يكن يحرك قدميه حيث ان (تبديل) القدمين بسرعة يحث الحمار على زيادة السرعة.
كان يتركه يمشى على مهل حتى اذا توقف اثناء سيره لاخذ   وجبة سريعة ملقاة على الطريق لم يكن يبالى و لا يزجره بل يصبر عليه حتى يواصل مشواره و الذى كان يحفظه عن ظهر قلب فلا يتوقف الاعند ( حبل الرباط) سواء بتبج او المركز , ربما كان يكثر من قراءة (سبحان الذي سخر لنا هذ و ما كنا له مقرنين) فكان طيعا له.
اذا ذهب بدابته الى (السقاية , لشرب الماء, كانت بالعباسية   مزرعة ال محجوب حوض كبير مخصص لسقاية الدواب) كان يترجل منها حتى لا يكون عبئا عليها بحمله , و هذ الادب يشبهه لانه يعلم ان النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يشرب الماء واقفا بل كان يشرب الماء جالسا.
هذا الجلوس يخفف عبء ضغط الماء بفعل الجاذبية على الكلى, فالرحيم يرحم من هو دونه. 
كانت حركة حماره بطيئة جدا و يحكي ابنه ميرغني انه كثيرا ما كان يردفه على الحمار لكنه لم يستطع و لا مرة واحدة من تحمل هذا البطء فكان يقفز منه و يذهب الى المركز راجلا . ( المركز , السوق كما كانوا يطلقون عليه سابقا).
قصة قفزه من الحمار ثم مواصلة المشوار على الاقدام كما ذكرها الاخ ميرغني (جزاه الله خيرالجزاء على ما امدنا من معلومات) ذكرتني بموقف طريف للاستاذ احمد محمد بدر كدودة ( عليه رحمة الله) ،حينما كنت ادرس الثانوي بمدرسة دنقلا ,كان هناك (كومر) و هو سيارة حكومية تابعة لخدمات المدرسة , كانت كثيرة الاعطاااال.
لاحظ سائق الكومر خروج الاستاذ كدودة على الاقدام من المدرسة متوجها الى السوق,فاسرع بالكومر و لحق به في الطريق ودار بينهما هذا الحوار القصير.
اركب يا استاذ اوصلك السوق.
لا انا مستعجل.
و الشيخ محمد عثمان له اخ شقيق اسمه عابدين استقر بالاسكندرية و تزوج و انجب و بقى فيها الى ان توفاه الله هناك .
كان قليل الكلام كثير التأمل , ملابسه شديدة البياض.
لم أسمع به وهو يقوم بالوعظ كما كان يفعل الشيخ عبد القادر عبده بدر, ربما لارتباطه بمهنة معينة و  وجود وعاظ اخريين.
اصبح المأذون الشرعي لقرية تبج بعد و فاة أخيه يحى , فوثق لكثير من الزيجات المباركات.

أن هذه العينة من الشيوخ من امثال الخليفة محمد عثمان و الشيخ عبد القادر و الشيخ محمد عثمان والد الاخ عجمي بعبري و من قبلهم الشيخ العلامة الفقير عبد الرحمن محمود و الذي عاصر المهدية و رفض الاعتراف بالمهدي و أصر انه ليس هو المهدي المنتظر فقاموا باحراق مكتبته في تبج , و استطاع ان ينجو من قبضة الدراويش و وصل حلفا و صار اماما لمسجد كبير فيها.
و رمي الدروايش بالكتب في النهر حتى تغير لون الماء , هؤلاء العينة من الشيوخ ظاهرة تستحق الدراسة.
كيف استطاعوا تعلم اللغة العربية و الكتابة و من ثم حفظ القران, فى زمن كان احسنهم طريقة يسال (الذين سينا و لا صادا فيجيب ابلغهم , صادا ان هالا ,يمكنك ان تقرا هذا الرابط حيث انه يحكى عن وقت قريب نسبيا لزمن الخليفة محمد عثمان, بالتركيزالسطر 13 , http://www.facebook.com/note.php?note_id=406488151183

 لقد كان محبوبا لدى الجميع وهو لا يمازح و لا يزهو بما لديه من مرتب كبير في زمن كانت الاغلبية من السكان لا يملكون مالا سوى بيع محصولهم من البلح و يتعاملون (بالجرورة) لحين الموسم الجديد.
ككاتب محكمة , كان يقوم بتسجيل و قائع الجلسة , لكنه فى مرة من المرات لم يستطع الامساك بالقلم بل ترك قاعة المحكمة و دابته و هو يضرب كفا بكف و هو يردد:
 لا حول و لا قوة الا بالله و استغفر الله
 حتى بلغ منزله راجلا دون ان يشعر من هول الصدمة, لان امراة جاءت تطلب تطليقها من زوجها و حكت عن وقائع ( مشينة)  جعلتها تقصد المحكمة  لتطليقها من زوجها. 
 اسباب (واجب التطليق) التي ذكرتها المرأة , كانت هي التي روعت الشيخ الجليل بتلك الكيفية فترك القاعة دون ان يقوم بترجمة اسباب الادعاء للقاضي الذي كان معتمدا عليه في الترجمة, فبلغ القرية في زمن وجيز بدون دابته التى لم ينسها سوى هذه المرة .
                   حكم القاضي

الواضح ان الخليفة ترك القاعة بذلك الانفعال دون ان يسرد الوقائع للقاضي و الذي فهم أنّ مضمون الموضوع هو طلب طلاق (الكلمة الوحيدة التي قالتها المرأة باللغة العربية). 
بذا حكم بالاتي :
رغم انني لم أفهم من ادعائك شيئا لعدم و جود مترجم الا ان الانفعال و ردة الفعل التي صدرت من الخليفة محمد عثمان تجعلني على يقين انك تطلبين حقا نقره لك بتطليقك من زوجك و لك الحق بعد انقضاء العدة  الزواج مرة اخرى .
(هذه المعلومة مستسقاه من شخص اخر موثوق به ، غير الاخ ميرغنى و الذي اكد انه لم يسمع بها من قبل)
توفي هذا الشيخ التقي و الذي ضرب مثلا رائعا في تحري اكل الحلال في بدايات السبعينات و نسال الله تعالى ان يتغمده مع من ذكرناهم من شخصيات برحمته الواسعة و ان ينزلهم الفردوس الأعلى من الجنة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)