شخصيات من تبج (6)(الشيخ طه ابايزيد ) (جزء2)

                            الشيخ طه ابايريد ج(2)
مرت بنا وفيات كثيرة و حتما كانت النساء يبكين على فراق الاحبة ,لكني لم أعهد بكاء الرجال في تبج الى ان كان مساء يوم أسود .
أذا بي أفأجأ بعنقريب و فوقه شخص مسجى يحمله أربعة رجال ولا يتبعه أحد تقريبا.
كانت الجنازة تتجه صوب منزلنا و سألت ماذا حدث؟ , من المتوفي ؟


تلغراف للسيد الحسن يعلمونه بوفاة السيد أحمد محمد محجوب

أنه أحمد (أحمد محمد محجوب و الد صلاح و نبيل ) , 
فنقلت الخبر و في لحظة التف الناس حول فناء منزلنا فكانوا يأتون جماعات و هم في حالة ذهول تام غير مصدقين.
وضع الجثمان في (ديوان) عمي عبد الرحيم محجوب و كنت أسمعهم يطلبون باحضار مراة للتأكد من عدم و جود تكثف لانفاسه على المراة.
كان صياح النساء يرتفع عاليا الى ان جاء الشيخ طه , فارتفع أصوات الرجال و هم يبكون بصوت عال جدا و كانت ليلة سوداء لم ينم فيها أحد.
كلما خبت الاصوات كان صوت الشيخ طه يعود من جديد بنفس القوة و هو يكاد لا يسكت.
علمت بعدها ان انتظار الدفن للصباح لم يكن لوجود شك في الوفاة , لكن هذا الانتظار فرض نفسه الى ان ياتي الحاج عبد الحليم محجوب من حلفا.
أستطعت في تلك الليلة  ان ارسم صورة مختلفة للشيخ طه حيث علمت انه انسان كبير  ذو قلب رقيق جدا.
و كانت المرحومة ست العيلة عبد المجيد ،(زوجته) ،تحكي كيف كان يعاني من السهاد اذا كانت هناك في تبج من تتوجع للولادة الى ان تاتيه ببشرى السلامة.
فكانت على هذا القلق, تكون أول المنطلقات من خارج منزل الولادة لتذهب اليه و تطمئنه.
كانت هذه الاحداث حينما كانت تبج عامرة بسكانها و كانوا كالجسم الواحد دون الالتفات من هي التي تتوجع. و كانت ست العيله تصر ان هذا ديدنه من القلق و السهاد بغض النظر عمن تتوجع , فليس بالضرورة ان تكون احدى قريباته.
الشيخ طه و أمثاله من الرجال الصناديد من مشايخ القرى لم يحوجوا الحكومات ضرورة ان يكون مركز بوليس عبري كبيرا يعج بالعساكر, فكانوا بحكمتهم يعالجون الامور اولا باول.
أذكر مرة ان أحد الانداد قد ضربني بحجر كبير في رأسي فنزف الجرح دما كثيرا و أوصاني أحدهم (لا أذكره) بان أذهب للشيخ طه لانه الحكومة و هو الذي سيقوم بسجنه و تأديبه.
استهوتني الفكرة و قد زادت معلوماتي بان العم طه هو الحكومة.
و ذهبت اليه و الشمس على و شك ان المغيب و حكيت ما كان .
فسالني باهتمام كبير , هل ضربك بحجر , لا, لا الكلام دا غلط كبير لازم الزول دا يتادب.
و هنا كشفت عن نيتي لفتح بلاغ للبوليس (كما اوصانى صاحبي).
نعم هذا ما سيحدث بالضبط , لكن ليس الان , بل الغد , لان الوقت ليل و لا يوجد بوليس يعمل ليلا. لكن لا تنسى الصباح الباكر لنذهب الى البوليس سويا. و كرر أكثر من مرة الا انسى ان اوافيه صباحا.
عدت للمنزل و انا سعيد باني ساذهب الغد للبوليس و لم انسى ان أمر بالشخص الذي ضربني و اهدده بالبوليس.
ثم كان الغد فلم اذكر ما حدث و لم يسالني الشيخ طه لماذا لم اذهب اليه كم طلب مني.
كان الشيخ طه يعالج المسائل ببساطة شديدة , فمجرد ان أكد لي بخطأ الجانب الاخر و استعداده الذهاب معي للبوليس و أنا الطفل الصغير أغبطني و أنساني السبب الرئيسي الذي ذهبت من أجله
(اللهم أرحمهم جميعا يار رب العالمين)









تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)