بين منسي و محجوب (1)



أشعر كأن الكاتب الكبير الطيب صالح رأى ضرورة نقل مشاهد الحياة في انجلترا بعد أن شوّق القارئ اليها حينما روى موسم الهجرة للشمال.
في موسم الهجرة اسهب الكاتب شرح تفاصيل الحياة الصغيرة لافراد قرية( ود حامد) , فمحجوب يكاد يشبه كل شخص شامخ في قريتك , اما ود الريس فما زالت نوعيته للاسف هى الغالبة و الطاغية.
أمثال محجوب يموتون دون أن يزداد عددهم و لو كان هناك تضاعف لنوعية محجوب لما كنّا في هذا الوضع المزري الذي قال عنه الطيب صالح بنفسه (من أين أتى هؤلاء؟)
مصطفى سعيد أضاف الكثير لحياة الناس في القرية و كل شئ صار بيده جميلا, بل أن( حسنة ) أصبحت نجمة لم يراها الناس بجمالها الا بعد أن تزوجها مصطفى سعيد و صارت نجمة  صعبة المنال لود الريس بعد ممات  مصطفى سعيد..
و كأن مصطفى سعيد أورثها القتل فقتلت , بل و ألحلقت نفسها بود الريس منتحرة لتسن حياة جديدة للمراة ليكون لها الحق في الاختيار.
  مصطفى سعيد حياته لم تمثل في انجلترا الا حياة غريزية  , و كثرة من تدافع  للدفاع عنه تعطيك حقائق غير ظاهرة في الرواية عن نبوغه و عبقريته.
لكن القرية أضافت لمصطفى سعيد الكثير و هو أضاف اليها الكثير.
 و حافظت الرواية على مكانة رفيعة للجد الذي يعرف كل شئ. و ضرب به المثل على قوته.
  قد يبدو ملحوظاً كيف أن الجد لم يبلغ سن موت النبوة (63) و الكل يشهد له بكبر سنه و التعجب من قوة جسده و بقاء اسنانه.
باختصار حياة القرية فيها الكثير عن قوة الشباب و تشبثهم بالارض و الزراعة.
 رغم احساسنا بالفشل و عدم تحقيق شئ يذكر الا أنّ الواضح أن معدل عمر الانسان قد ارتفع كثيرا مقارنة بالوقت الذي كتب فيه الكاتب العملاق روايته.
  محجوب لا يترك فرصة الاّ و يسأل كل وافد من بلاد الفرنج اذا ما كان هناك مزارعون!
لم يترك الكاتب شيئاً عن القرية الاّ و حكى عنها في كتب , مريود ,و دومة و د حامد وعرس الزين.
ود حامد تمثل حياة كل سودانى و الشخوص المذكورة فيها مختارة بعناية , قد تتغير الاسماء لكن الشخوص هى نفسها في كل القرى.
  شئ ما  لم نعرفه،  كقراء عن الحياة في انجلترا , كنا نحتاج لذاك الطعم الذي لا يخرج الا من شخص استثنائى كالطيب صالح.
منسي: إنسان نادر على طريقته

و نواصل في الحلقة القادمة لكن عن منسى و الحياة في انجلترا , حينما نجد التجاوب عما كتب هنا نواصل باذن الله
  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)