فاروق ده منو؟

ققه ضرورة ---ساخر سبيل
صديقي (فاروق) هو الآن في منتصف الخمسينات ، كان والده من أغنياء التجار وقد كان بحكم ترحاله متابعاً لتجارته
مزواجاً إذا نزل في (جوبا) تزوج وإذا زار (حلفا) تزوج وإذا مر بشندي تزوج وإذا بات بسواكن تزوج وقد حباه الله بأبناء من كل زيجاته هذه كان يرسل لهم ما يكفيهم من مصاريف بإنتظام إذ كانت مصادر رزقه متنوعة كانت له حواشات ومشاريع زراعية بالجزيرة وشركة تعدين وتنقيب للذهب بالكرمك (قبل أن يعرف الناس التنقيب) ، كما كان وكيلاَ لعدد من شركات البترول ومحطات المحروقات .

كان شاطراً في التجارة ومستقيماً وذا سمعة حسنة في السوق ، لم يهتز موقفه المالي في يوم من الأيام لأنه كان إدارياً محنكاً يتابع كل هذه الأنشطة المختلفة بدقة ولا يتوانى في عقاب كل موظف أو عامل يقصر في عملة أو تمتد يده للأموال .
فجأة توفي والد (فاروق) وكان حينها فاروق شاباً يافعاً في منتصف الثلاثينات ولأنه كان أكبر إخوته من جميع الزيجات فقد كان وصياً على التركة لكنه للأسف الشديد لم يكن أميناً عليها .. كان كثير الأسفار الخارجية (في الفارغة والمقدودة) ، لم يكن يتعالج في المستشفيات العامة (ولا الخاصة ذاتا) ما أن يحس بأى أعراض مرض (حتى لو نزلة سااكت) حتى يبادر بحجز مقعد له في الطأئرة المتجهة لألمانيا مستشفياً بإحدى مستوصفاتها ، كان يصرف ببذخ شديد على مناسبات العائلة ويقوم بتغيير أثاث مكتبه ومنزله الفخيم أكثر من مرة في العام الواحد كما لم يكن يركب هو وأبناؤه إلا (موديل السنة) .

أول قرار قام بإتخاذه بعد وفاة والده أن قام بإقصاء كل الموظفين والعمال الذين قد عينهم والده لأمانتهم وكفاءتهم وإستبدلهم بأصدقائه وأقاربه والذين بدورهم كانت تهمهم مصالحهم الخاصة فأدخلوه في مشاريع فاشلة وغير مدروسة لا تحصى ولا تعد بل أوعزوا له ببيع بعض الشركات الرابحة بحجة خسرانها فباعوها بأبخس الأثمان وقبضوا (الكومشنات) ، وعلى الرغم من أن هذه الأموال أموال ورثة (وما حقتو) إلا أنها كانت ملكاً مشاعاً لأصدقائه ومعارفه ومحاسيبه (كل زول يلبع على كيفو) ، لم يكن فاروق يلقي بالاً لنصائح أصدقائه الخلص الذين كانوا ينصحونه بأن (يضبط المسألة) وأن يحاسب المفسدين وأن (يمسك أيدو شويه) بدأت احواله تسؤ خاصة بعد أن طالب أخوانه من أبيه أن يتم فرز ما تبقي من التجارة وأن يعطيهم (حقهم) وقد كان أن حكمت لهم المحكمة بذلك .

قلت موارد تجارة فاروق بعد أن ذهبت توكيلات (المحروقات) إلى إخوانه .. وأصاب مشاريعه الزراعية الجدب والعطش بعد أن باع كل المحاريث والآليات الخاصة بها ، أعوام طويلة لم تعد شركة التعدين والتنقيب تظهر عائداتها في ميزانية الشركة بفضل من ولاهم على إدارتها !

لم يعد فاروق قادراً على دفع أقساط (السلفيات) التى أخذها من أجل تسيير ما تبقي من أعماله مما جعل البنوك تقيم دعوات قضائية في مواجهته وتقوم ببيع ما تبقي من عقارات وعربات وشاحنات ومكاتب وفجأة وجد فاروق روحو (أباطو والنجم) لم يسلم منزله الذي يسكن فيه من البيع لتسديد ما تبقى لديه من ديون لدى البنوك !

حاول صديقي فاروق أن يستدين من أصدقائه لكنهم أشاحوا بوجوههم عنه لأنه لم يكن يستمع إلى نصائحهم ، البعض طرح عليه أن يقوم بمقاضاة من نهبوا وإختلسوا أمواله فربما تعود إليه (قرش قرشين) فتتحسن أحواله من جديد إلا أنه لم يأبه لذلك (ما قروش ورثة وكده) ، لم يكن أمام فاروق إلا أن يمتثل للأمر الواقع وهو أنه قد أفلس تماماً و(عدم التعريفة) !
بالأمس زارني (فاروق) في المنزل شرح لي ما يعانيه من مسغبة قال لي أن الأولاد تركوا الجامعات والمدارس وقعدوا في البيت وإنو البيت ذاااتو ما إتولعت فيهو نار ليهو مدة وإنو واقف من تناول حبوب الضغط والسكري والقلب عشان مافي قروش يشتريهم وإنو سيد البيت جاب ليهو أنذار بالإخلاء عشان ليهو أكتر من سنة ما دفع ليهو !

- وح تعمل شنو يا فاروق في الوضع ده هسه؟
- ما ده الجابنى ليك ذاتو يا أستاذ
- إن شاء الله خير
- لا خير أصلو أنا جيت أشاورك عشان في زول ح يديني قروش أحلحل بيها مواضيعي دى
- والمشكلة وين يا فاروق
- المشكلة يا أستاذ إنو (بالفائظ) .. الجنيه بجنيهين .. يعني ربا !!
- أيوه ربا وأبوهو ربا
- لكن يا أستاذ مش قالو (الضرورات بتبيح المحظورات)؟
- والله بتبالغ يا فاروق تشتت في القروش يمين وشمال ولمن تفلس جاي تقول الضرورات بتبيح المحظورات ؟ لكن بعد ده كولو خلينى أسأل ليك ناس مجمع الفقة الإسلامي عشان ديل ناس علماء ومتفقهين ما ذينا نحنا ناس قريعتي راحت !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)