ما زال البارود في الانفاس


ما زال البارود في الانفاس
الساعة الحادية عشر مساءً ذهبت لسطح المنزل , طلباً لنوم هادئ و طمعاً لتوفير بعض الكهرباء.
منذ رمضان الماضي لاول مرة تكون الاجواء  بتلك الروعة.
جو بارد شمالي لاول مرة بعد أن خضعت الخرطوم لفترة طويلة في منطقة انعدام هواء متحرك نتيجة صراع الطبيعة بين خريف ذي هواء جنوبي ,(وقف ما زاد), وبين هواء شمالي أصبح حلماً.
كانت صواريخ كألعاب نارية تضيئ السماء شرقاً.
و لاني كنت مستمتعاً بجو جميل جديد طال انتظارنا له , لم أشأ أن أفرض أي فرضية سوى أن هناك من يطلق العاب نارية ابتهاجاً بتحرك هواء ظل ساكناً لشهريين كامليين.
ثم رأيت الشمس حمراء و قد أشرقتْ و
دوى انفجار جعلني أشعر كأنى على مركب صغير في بحر هائج.
كانت الانفجارات تتوالى بعنف و اهتزاز الحوائط و زجاج النوافذ و تشققها المتصاعد يشعرك بالموت القادم.
كانت الانفجارات تتوالى بعنف يهتز له كل البناء, و الارض من تحتنا.
لا حول و لا قوة الابالله.
اذا كان هو انفجار بسيط في الدنيا فكيف تكون زلزلة الاخرة؟؟
بعد أكثر من ساعة , أحسست أن تسارع الانفجار قد قلّ الى حد ملحوظ.
اختلطت الاجواء برائحة البارود الكريهة و  كانت  الدخاخين الحمراء كانت تتجه جنوباً.
لقد عانى سكان (أبي ادم و شرق الكلاكلات) جنوبا معاناة ما بعدها معاناة من تساقط الشظايا و تلوث الاجواء.
حينما خرجت للخارج , كانت جموع بشرية بين عائد من البحر الى المنزل و بين هائم على وجهه لا يدري الى أين المسيرو بين مفترش لتجمع النفايات و الذي ظل يتكاثر رغم انكماش الجيوب ,لان المحليات تركتها تنمو و تتكاثر .
كم عظيم أنت أيها النيل سواءً كنت (ابيض) أو (أزرق), كل سكان المناطق شرقاً لم يجدوا ملاذا امناً سوى التوجه اليك.
حينما تكثر النفايات في بيوتهم يلقونها على و جهك أيها النيل و حينما يلفهم الرعب يأتوا اليك مذعوريين ينشدون عندك السلامة.
 أياً كانت الجهة التي فجرت مصنع اليرموك للتصنيع الحربي , الى متى يظل الجيش  يتخذ من الناس دروعاً امنه؟؟
في زمن يتفنن العالم في اخفاء مصانع و مستودعات ألاسلحة تحت الجبال و فى الصحارى تحت الارض , انتم تزجون بها وسط منازل المدينة  تفترض أن تكون امنة.
و المؤسف أن الغاء وجود الجيش في ثكنات وسط الاحياء لم يكن مشروعاً قومياً للاحزاب أثناء الديمقراطية.
 أيها الحكام و  مصانع الاسلحة و مخازنها أخرجوا من بيننا و أذهبوا الى تخوم الجبال و الصحراء حيث البيئة أفضل لكم  اذا بحثتم عن بيئة مناسبة للتدريب و الحرب.
دعونا نصارع في المدينة جباة المحليات و الضرائب , دعونا نصارع البعوض  , دعونا نساهر لملاْ مواعين المياه , دعونا نستمر في حربنا من أجل البقاء.
و اذهبوا أنتم حيث يوجد عدو يمكن أن تحاربوه بسلاح.
أو أذهبوا عنّا بعد فشلكم في كل شيئ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)