بحننكم

هذا الوضع افضل بكثير مما حدث لفتاة الخرطوم


أحد المعارف حكي هذه الحكاية و التي جرت أحداثها في تجمع المواصلات باستاد الخرطوم.
شاهدت أمرأة يبدو من ثوبها الابيض أنها موظفة , كانت تخطب في جمع من الناس.
كان الرجال أمامها و كأن على رؤسهم الطير و النساء من خلفها يعاضدنها تارة بالتصفيق و تارة أخرى بالزغاريد. 
لكنها لم تكن تلك زغاريد فرح و لا بتصفيق رضا!
كانت تقول:(غداً , ساتيكم بخضاب  و (محلبية) وسأضع  في كفوفكم الحناء لأنكم لستم برجال و لا بأشباه الرجال . غداً فلتأتوا بفساتين تليق بأنوثتكم و اخلعوا عنكم ثياب الرجال هذه لانها لم تعد تناسبكم و ...,  ...).
كان  هناك في جانب الرجال صمت مطبق و همهمة تدل على أن أمثالي كثيرون يريدون معرفة سبب أطلاق هذه المرأة عنان السخط للرجال و أسباب خنوعهم و عدم الرد عليها!
  و بعد توسل ورجاء تبرع أحدهم بسرد هذه الرواية:
كانت هذه المرأة تسير و سط الزحام حينما أعترضها أحدهم و هو يحاول أختطاف (شنطة اليد خاصتها).
 أبدتْ مقاومة مناسبة و لم يفلح اللص المعتدي في اختطاف الشنطة لقوة تمسكها بها و هي تناشد الرجال :(يا ناس المروة , حصلوني . أنا أختكم .يا رجاااال يا هوي , انتو ما شايفين الزول ده!).
حينما لم يتقدم أحد لنصرتها قام برفسها بقدمه بكل ما أوتي من قوة.
كانت الضربة مباشرة و نافذة , أوقعتها ارضاً , لكنها لم تترك الشنطة و واصلت استنجادها .
لم يتوقف المشهد المسيئ عند هذا الحد, بل أصبح يضربها على وجهها و رأسها و هيى طريحة في الارض.
كان اللص يعمل بكل قوة لاستخلاص (الشنطة) , و هي توزع جهدها في ستر جسمها , مقاومة المعتدي و رفع صوتها بخضوع و توسل مستغيثة برجال لم يعد لهم وجود!
 وأفلح  الوقح في اغتنام (الشنطة) من بطلة كادت تستشهد في الدفاع عن مالها وسط جموع غفيرة من الرجال.
لم يحاول أحدهم نصرتها و لا حاول أي منهم ردع المعتدي, الذي غادر (موقف المواصلات) بهدوء بعد انجاز مهمته القذرة.
هذا يحدث نهاراً في الخرطوم.
في خرطوم اللاءات , لكنها لاءات للمروءة.
في الخرطوم التى  هبت يوما عزيرا في زمن ولى , في جنح الدجى و نصرت المساكين و ضمدت الجراح. .
و هي الان , تنوم نهاراً و تغمض عينها حتى لا تسجل ما ترى.
 و تترك الجروح تنزف و لا تضمد جرحا و لا تحفظ كرامةً.
هل هذا ما أردتم أن تصلوا بهذا الشعب , اذن لكم التهنئة
و غداً سيأتي المعتدي الغازي يريد أرضنا و عرضنا و لن يجد من الرجال  مقاومة كتلك التي أبدتها تلك المرأة الجسورة.
و هي أذ , تبكي رجالاً فقد بكت المروءة من قبل:
مررتُ على المروءةِ وهي تبكي
فقلـتُ علام تنتحب الفتاةُ؟
فقالت كيف لا أبــكي وأهلي
جمـيعاً دون خلق اللهِ ماتوا


و رحم الله الامام الشافعي و هو يقول:
 والله لو كان الماء البارد ينقص من مروءتي لشربته حاراً

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)