خالي عثمان رائد تعليم البنات بسركمتو بقلم محمد خليل كارة


‏‎Mohamed Khalil Kara‎‏
الاستاذ محمد خليل كارة



عثمان نكولا ( عثمان احمد ابراهيم ) هو شقيق أمي ست البنات رحمها الله ... لا اذكره جيداً في حياته و لكنني اذكر يوم مماته، فقط لأننا ، نحن الاطفال اوانذاك ، كنا مهووسين بالتربص بكل مركبة ذات عجلات تدخل قريتنا...
.. كل ما كان شغلني يومذاك ان الكومر ( الإسعاف ) تجاوز بسرعة غير عادية المنطقة الرملية الرخوة في قريتنا دشنة التي كانت ( مكمن الشعبطة ) بالنسبة لنا... فاكتفينا ، نحن صبية دشنة ، باستنشاق رائحة البنزين ( العبقة ) الصادرة من عادم الكومر...
و لم تكد تمر دقائق الا و سمعنا عويلاً مؤلما ( وبيو وبيو !) فارتبكنا ..
و ضاعف ارتباكي شخصياً انني عدت من ( المكمن ) الى بيتنا سريعاً لأجد أمي مغمى عليها و حولها كل نساء الحلة بينهم فقط رجل واحد :ابن عمي و زوج أختي ( ابو درش - محمد مصطفى كارة ) أطال الله عمره،و هو ينهرهن جميعاً محاولاً اسكاتهن بينما كان منهمكاً في ترتيب حمل أمي على حمار جهزه بسرج لنقلها الى حلة (سيانيري )حيث مأتم أخيها...
و علمت لاحقاً ان الإسعاف أتى بالجثمان من مستشفى دلقو .. و منذاك و أنا ( اتطير ) رؤية اي كومر فلا اقترب منه و أنا المهووس (بالشعبطة)...
غير هذا لا اذكر شيئاً عن خالي عثمان ...و مما عرفته لاحقاً انه كان تاجراً حريفاً .. فضلاً عن انه كان يحمل هم القرية كلها فوق كتفيه ..و في سبيل ذلك كان يرتاد المحاكم في عبري كل يوم تقريباً ، راكبا حماره قاطعاً مسافة لا تقل عن ٣٠ كيلومتراً ....
تحكي لي شقيقتي الكبرى ( فائزة ) ان خالي عثمان هورائد تعليم المرأة في منطقتنا...
و تروي كيف انه تحدى التقاليد السائدة اوانذاك و أصر على الحاق بناته و كل بنت له صلة بها بالمدرسة الصغرى بفركة ( القرية المجاورة ).. فيأتي كل صباح مصطحبا ابنتيه جميلة و ليلى ، ليمر على بيتنا فيأخذ أختي عائشة ( رحمها الله ) بعد ان يكون قد غشا كربين و أخذ معه سعيدة زينب .... ويقودهن جميعا الى مدرسة فركة ( نحو سبعة كيلومترات ) ... و يمضي سحابة يومه هناك حتى يفرغن من الدراسة ليعود بهن الى القرية ...
هذا ما روته شقيقتي الموثوق بها ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)