السفر الى قاع النيل (3)




كان السيد عبد القادر محمد بدر حينما أطلعه الاستاذ  الحسن عز الدين عن الحادث قد توجه مع فريق انقاذ الى موقع الحادث.
أذا ما رجعنا للجزء الاول و عن ركاب اللوري تجد امام بعضهم  علامات ® و®®.
فهؤلاء الذين نجوا من الحادث الاليم و أسعفهم الحظ بالنجاة اما لانهم كانوا في المقاعد الامامية او على سقف اللوري , الا ان شخصا  واحدا  فقط  خرج من داخل الصندوق من خلال (زوي اللوري) وقد ساعده على ذلك صغر حجمه لانه كان طفلا و (هو محمد عثمان عبد الحليم متولي.)
و قد قال أنه كثيرا ما كان يجد فرصة لكسر الحظر التى كانت تفرضه عليه و الدته بعدم الذهاب  للبحر (النيل) مخافة ان يغرق و لكنه في تلك الفترات البسيطة التى وجدها تعلم السباحة التى كتبت له عمرا جديدا.
لم يخرج أحد من ركاب الصندوق لان البرميلين قد أطبقا على  الابواب الخلفية و جعلا الخروج مستحيلا و اذاء هذه الوضعية لصندوق اللوري  تساوى فيه  من يجيد السباحة مع من لا يملك أدنى فكرة عن السباحة لانهم اشتركوا في شئ و احد و هو تجمعهم داخل سجن فولاذي وسط مياه.
حينما أتت فرقة الانقاذ و باشرت عمليات الانقاذ ليلا , كان أكثر شئ أرهقهم أنه كلما وجدوا جسما طافيا وأخرجوه كانوا يتفاجؤون بعدما  تكبدوا المشاق أن ما أنقذوه لا يعدوا أكثر من جلد مدبوغ شرب من الماء فانتفخ كما تتنتفج الجثث.(لاحظ  الجزء الاول , كان مسافران يحملان جلود مدبوغة)
فرقة الانقاذ وجدت شخصا واحدا على الطرف الاخر من الشاطئ وهو سيد أبايزيد و الذي سبح بكل ملابسه العسكرية من بوت و ملابس ثقيلة. تحت وطأة المفاجأة و الصدمة.
 سبح بكل قوته الى الشاطئ البعيد تاركا وراء ظهره الشاطئ القريب و استطاع ان يصله . لكنه كان قد فارق الحياة و من الصعب ان يهتم الناس في ذلك الزمان من تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة و الذي يكون ربما قد مات اما من لدغة عقارب و ثعابين (كما حدث للكثيرين لعبارة 10 رمضان ) , و اما ان يكون قد تعرض لضربة سمكة البردة, (تنقي). لكنه كان مثالا للجندي الحقيقى الذي ادى الرسالة في شجاعة.
تأخر اخراج اللوري الى ان يقوم السحاب (الونش) برفع اللوري المنكوب.
حينما أخرج اللوري من داخل قاع النيل , كانت ابوابه ما زالت مؤصدة.
كان المنظر رهيبا و مؤلما , فكل الركاب كانوا مجتمعين مع بعضهم البعض كتلة واحدة في تلاحم فرضه الخوف و محاولة الخروج من باب صلد لم تفتحه قوة التهاوي الى النهر.
حينما مرض رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم المرض الذي مات فيه قال: ( لا اله إلا الله ، إن للموت لسكرات ).(اقرأ وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم , الرابط؛ http://www.facebook.com/note.php?note_id=334512186559786
)
لا شك ان شدة السكرات هو الذي جمعهم بهذه الطريقة حتى التف بعضهم على بعض فى تلاحم فرضته رهبة الموت.
نسأل الله الكريم أن يتقبلهم شهداء عنده , اميـــــــــــــــن
كل الجثث نقلت الى حلفا و دفنت (في مقابر سيدى ابراهيم ) ما عدا جثمان سيد توفيق فأغلب الظن أنه دفن في قرية عكاشة , ربما لانه أول جثمان عثر عليه قبل استقدام الونش الذي انتشل اللوري و بداخلة الجثامين (و الله أعلم).
كل اهالى تبج قاموا ببكاء موتاهم امام شجرة الحاج عبد الحليم محجوب.

الحاج عبد الحليم محجوب

كان معروفا بالتماسك في مثل هذه الظروف العصيبة.


خطب في الرجال و النساء خاصة : ان هذه مصيبة كبيرة و لكن ان صبرتم و لم تشقوا الجيوب سينزل الله عليكم صبرا و لن تروا في حياتكم مكروها كهذا الحادث.

كان يكرر هذا الكلام , حتى لا تتكرر عليكم مثل هذه الفواجع اصبروا و احمدو الله على البلاء ,.



بدأت كتابة الجزء الاول من هذه الاحداث في شهر مارس 2011 و كانت العلامة ®® أمام سخصين دالالة بأنهم أحياء و لكن الموت الذي سيصيبنا جميعا اختارهم و هم
محمد علي عبيدي و محمد عثمان عبد الحليم ,أسال الله الكريم أن يتقبلهم بقبول حسن و أن يسكنهم في فسيح الجنات.
بهذه المناسبة أود أن أضيف هذه النقاط :
(1)   ماذا قال أهالي صرص عن الحادث:
يحكى أن شخصا من الاولياء يسمى الشيخ محمد داوود  مر عصرا بامراة تقوم ببعض أعمال الزراعة في سلوكتها و التى شهدت الحادث المروع فانتهرها بأن تغادر هذا المكان بسرعة لان أرواحا كثيرة ستقبض في هذا المكان.
و يحكى السائقون في الخط أنهم كثيرا ما كانوا يجدونه في الطريق الخلوي و يتوسلون اليه ليركب معهم الا أنه كان يعتذر بدعوى (أنه مستعجل) , فيتركونه و يمضون في سبيلهم الا أنهم كانو يتفاجأون به عند   وصولهم المكان المنشود بأنه موجود فيه (و الله أعلم , و الجدير بالذكر أن هذا الرجل يختلف عن أحمد حمزة و الذي يروى السائقون حوله كثيرا من قصص متشابهة الا أن الشيخ محمد داوود تزوج و له الكثير من الاحفاد حاليا  , حفظهم الله)

(2) سمعت هذه الحكاية من السيد حسن طه أبايزيد
قال حينما توفت السيدة نعيمة علي عبيدى (والدة عوض و نانا) انزوى بي عمى عبد الحليم محجوب جانبا و قال لى الاتي:
حينما غرق اللوري و توفي فيه الكثيرون في الحادث , كانت المرحومة رقية عثمان محجوب (والدة نبيل)  ضمن من توفوا فيه و بذا فقد السيد أحمد محمد محجوب زوجته في الحادث.
قمنا بعقد قران للسيد احمد على فاطمة عبد الرحيم محجوب في مجلس الفراش تحت الشجرة و الحزن على الموتى في أشده.
ثم أردف السيد حسن طه قائلا: سألنى الحاج عبد الحليم محجوب
أتعرف لماذا رويت لك هذه الحكاية؟؟؟؟
لأنك من سن محمد سعيد عبيدى و أنت اقرب اليه منى, اذهب اليه و أقنعه بأن نعقد له على زهرة على عبيدى شقيقة المرحومة.
يستطرد السيد حسن طه قائلا : كانت المهمة صعبة للغاية و لم أنجح في مسعاي و نقلت للحاج عبد الحليم عدم موافقة محمد سعيد على العرض.
قال له الحاج عبد الحليم: سيندم على تفويت هذه الفرصة و ربما سيتزوجها في وقت اخر.
و صدقت نبوءة الحاج عبد الحليم محجوب حيث تزوج محمد سعيد عبيدى من زهرة بعد وفاة ابنته (امنة)  التى كانت ترعى نانا و هي الطفلة التى انجبتها نعيمة و على أثرها توفاها الله.
(3) مصير اللوري المنكوب:
تم ترحيل اللوري الى ورشة التأمين في حلفا و تمت معالجة ما لحق بها من أضرار. لكن أهم ما في المعالجة انهم استبدلوا الماكينة البنزين بأخرى جاز. هذه المعالجات أخذ الكثير من الزمن ليس لقصور شركة التأمين في التعويض لكنها أخذت فرصة كافية لاستكمال التحريات و حيثيات الحادث
(4) صورة اللوري: 
وعدنا أخ كريم لم يود ذكر اسمه بأنه سيمنحنا صورة للوري ليتسنى نشره و الى ان يوفقه العثور على الصورة , صبرا.
ذكرنا كثيرا من الموتى , نسأل اله الكريم أن يغفر لهم و يوسع مدخلهم يكرم نزلهم و يدخلهم جنة الخلد.
ملـــــــــــــــــــــحوظة :
الشكر للاخ المهندس فوزى صالح و هبي و لكل الاحبة في منتدى عمارة على قراءة الجزئين السابقين
و اشكر للشخص الذي ألح على لكتابة هذا الموضوع و حقيقة لم أكن اود أن اكتب فيه و هذا هو سبب اختياري لعنوان غريب للتخفيف من الصدمة .
و اخيرا الشكر للسيد محمد محجوب عبد الحليم الذي شجعنى على اتمام الجزء الثالث و الاخير و كذلك الشكر للاخ أحمد بري للمعلومات التى أمدنا بها , اذ انه لم يلحق بمصادر المعلومات في الجزء الاول.
و سلامى و دمتم في خير

علي عبد الحليم محجوب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)