وقعنا في فخ نصبه نصاب بقلم جعفر عباس


حقيقة الأمر هي أنه لا يوجد في هذه اللحظة فيلم "جاهز" مسيء للرسول عليه الصلاة والسلام، وكل ما هناك هو أن المنتج أصدر ما يسمى بالتريلر trailer وهو عبارة عن لقطات يفترض ان الفيلم سيتضمنها، وكان يريد من ذلك استفزاز المسلمين ليهبوا مستنكرين وغاضبين، فيضمن بذلك لفيلمه الرواج في الدول الغربية، وهي نفس الحيلة التي لجأ إليها الكاتب البريطاني ذو الأصل الهندي سلمان رشدي عندما أصدر رواية "آيات شيطانية"، التي كان واضحا من "قولة تيت" أن الغرض منها هو الطعن في القرآن الكريم، وإعادة طرح حديث الإفك حول السيدة عائشة عليها السلام، وهاج المسلمون وماجوا وأهدر آية الله الخميني دم رشدي (هو ينطق اسمه بفتح الراء لأنه يعرف عن نفسه أنه بعيد عن الرشد والرشاد)، فكان أن باع ملايين النسخ من رواية فاشلة فنيا، وفتح النقاد في الغرب النار على رشدي ليس لأنه أساء إلى الإسلام، ولكن لأن الرواية كانت ساقطة بجميع المعايير النقدية، وكتب ناقد بريطاني يقول إنه حزين ليس بسبب المبلغ الذي دفعه قيمة للكتاب ولكن على ساعات ثمينة من عمره أهدرها في قراءة عمل لا يستحق مسمى رواية بل ولا يمكن تصنيفه تحت أي مسمى من مسميات فنون الكتابة
ومن ثم فإن منتج الفيلم (والفكرة وراءها قبطي مصري نال اللجوء السياسي في أمريكا مؤخرا)، حسبها "صح"، واستخدم موقع يوتيوب لعرض التريلر بهدف إثارة غضب المسلمين، ومع تنامي احتجاجات المسلمين تنامت "الدعاية" للفيلم، والمحزن ان ثمن الدعاية كان دماء المسلمين في عدد من البلدان من بينها السودان.. وحتى هذه اللحظة فالمسيء الحقيقي للإسلام هو موقع يوتيوب الذي جربنا نحن عشرات الآلاف إقناع القائمين على أمره بحذف التريلر، بإمطارهم برسائل الاحتجاج... ليس للحكومة الأمريكية شأن بصدور فيلم يمدح رسولنا الكريم أو يسيء إليه، ففي بريطانيا مثلا ظلت مسرحية جيسس كرايست سوبر ستار معروضة لنحو قرن وفيها يظهر من يقوم بدور "المسيح" عليه السلام عاريا مع إشارات وعبارات صريحة بأنه شاذ جنسيا.. ما أود قوله هو إن الحكومات الغربية غير معنية بمكانة الرسل والأنبياء، وقوانينها لا تحظر الإساءة الى الأديان ما لم تتخذ طابعا تحريضيا ضد فرد أو مجموعة... ولكن في بريطانيا بالتحديد صدر مؤخرا قانون يمنع الاستخفاف بالأديان والمعتقدات عموما.. ثم إن الحكومة الأمريكية لا تفرد عضلاتها إلا بالصواريخ والقنابل إذا كان في الأمر مكسب مادي لها (شفت كيف تحركوا بحزم وعزم لتحرير الكويت وليبيا ويقفون موقف المتفرج في سوريا لأنها كحيانة وفقرانة)
الغريب في الأمر هو أنه ما من دولة غربية تسمح لأحد بالتهكم على اليهود او اليهودية، وهنا في فيسبوك صفحة اسمها F….. Islam والكلمة الانجليزية التي تبدأ بحرف F شديدة البذاءة، وفشلت ملايين التوقيعات في إقناع إدارة فيسبوك بإغلاق تلك الصفحة، ومن باب استفزاز فيسبوك وإثبات أنها مثل الحكومات الأمريكية تحسب فقط حساب اليهود الذين يمثلون أقل من 3% من سكان الولايات المتحدة، سجلنا صفحة بالإنجليزية بعنوان "إلى الجحيم يا يهود To hell with the Jews وكما توقعنا تماما فان الصفحة لم تعش أكثر من ثلاثين دقيقة..زييط .. ديليت
العارف عزه مستريح... وفشل صناديد قريش في تجريح محمد وعديد المسلمين دون العشرة.. وقافلة الإسلام تسير رغم أن معظم المسلمين مصابون بإعاقات تسببت فيها حكوماتهم، ورغم أن من فرضوا أنفسهم أوصياء على الإسلام يفعلون ذلك في كثير من الأحيان طالبا للجاه والسلطان والدرهم الرنان.. هل تذكرون حقبة "أمريكا دنا عذابها"، ولكن ظل شارع علي عبد اللطيف في الخرطوم مغلقا في وجه المواطن السوداني لنحو 15 سنة حتى ينعم الدبلوماسيون الأمريكان بالأمان؟ ثم نقلناهم إلى قلعة تخصهم.. والحكاية مكشوفة: فهم يقولون عن أمريكا أمام المايكرفونات إنها تجسيد للشيطان، ثم يجلسون أمام ممثليها في المكاتب المغلقة ويقولون لهم: أنتم الخير والبركة.. وأنت يا أمريكا الكبيرة وأنت ماما وأنت بابا وانت كل حاجة في حياتي يا حبيبة
الغريب في الأمر أن معظم الغاضبين هذه الأيام لم يهتموا بإعلان مليونير قبطي مصري مقيم في البرازيل أنه سينتج فيلما بعنوان "عبقرية محمد" استنادا الى كتاب بهذه الاسم لعباس محمود العقاد وسيكون الفيلم بالإنجليزية ليعرف الغرب عظمة نبي الإسلام ورسالته

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

صخرة النبي موسى عليه السلام

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)