المعاشيون الممنوعون من الصرف (جريدة السودانى)
المعاشيون فئة مجتمعية مغلوبة على أمرها اليوم. وبالأمس كان أفرادها ملء السمع والبصر، فهم الذين وضعوا اللبنات الأولى بصرح الخدمة المدنية يوم وضعوا صنع الإنسان وصقله نصب الأعين. قوموا الإنسان السوداني، وبسطوا العدل ونشروا مكارم الأخلاق. فهم الذين أفتوا نضارة الشباب وزهرة العمر ليخطوا مستقبلا مشرقا وضيئا لجيل اليوم، وأملهم تحقيق المتجتمع الصافي النقي "مجتمع الفضيلة" وقد كان. واليوم ركلوا الحياة العملية مجبرين، وركنوا لحياة الصمت السكون والانزواء.
وأنفاسهم تلهث وراء سراب المعاش الفتات، فقبضوا بأيد راجفة حفنة من مال لا تسمن ولا تغني، وعطف عليهم الأخ عمر البشير رئيس الجمهورية وبث روح معاشهم المحتضر بمنحة كريمة "مائة جنيه" انفرجت لها أساريرهم لتسد لهم ثغرة فاتورة الكهرباء! وازدادت فرحتهم بتطبيق الحد الأدنى للمعاش 250 جنيها ولكن تلاشت هذه الفرحة الطارئة المؤقتة عندما تبين لهم اختفاء منحة الرئيس ليبتلعها دون حياء ولا خجل الحد الأدنى للمعاش! وأصبحت المنحة داخل الشبكة بهذه الحيلة الذكية غير المبررة! إن قرار ضم المنحة لتكمل الحد الأدنى للمعاش قرار مجحف وجائر. فما علاقة الحد الأدنى بالمنحة؟
نطالب أولا بتحقيق الحد الأدنى للمعاش ثم تضاف إليه المنحة. فهذه ظلامة نرفعها لك أخي رئيس الجمهورية نحن ما نطلبه هو الحق والعدل. ولن يجف مداد قلمي هذا، ولن تسكت أصواتنا حتى نقضي على الظلم والتحايل الزائف، ونحن نتطلع لرد شاف على ظلامتنا وأنتم ترون بأم العين سياط ارتفاع الاسعار تلهب ظهورنا. ولماذا لا يجد المعاشي التقدير والاحترام كما يحدث بسائر دول العالم؟ في دولة السويد يلقى المعاشي كل التقدير، ويدعى في المناسبات القومية وتوفر له كل سبل الراحة. فأين نحن من هؤلاء؟ نحن نتطلع أخي رئيس الجمهورية لإنصافك وعدلك وإنسانتيك المفرطة بدحر الظلم، والقضاء على الظلم الذي نرتمي في أحضانه. قيل إن أحد الولاة جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنفاس لاهثة قائلا له: عمت الفتنة ولايتي يا رسول الله. أنقذني.. أنقذني!
فرد عليه الرسول الكريم قائلا: "أبسطوا العدل في بلادكم." فهذا ما نتوق إليه نحن أهل الوجعة! فأين نحن من عدل السلف الصالح؟
هذه صرختي الثانية ولم نجد أذنا صاغية منك يا أميرة الفاضل الوزيرة الهميمة ولن يسكت صوتي حتى تبين سحابة العدل! فلماذا التجاهل؟
ولماذا التغاضي. والله وحده منصف المظلوم.
"حسين الخليفة الحسن"
مستشار وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم
تعليقات