ولاية حلفـا العتيـقة الفردوس الموعود بقلم: الأب الدكتور/ القمص فيلوثاوس فرج
الحكومة:
أن حكومة عبود هي الحكومة التي وافقت على التهجير، ونفذت تهجير أهل حلفا العتيقة إلى حلفا الجديدة، ولم يكن هذا مرضياً لأحد، وظل الحلفاوي كل حلفاوي يحلم بالفردوس المفقود، ثم بدأ الحديث عن الفردوس الموعود وهو عودة حلفا إلى موقعها، وفي هذا أسهم كثيرون بحثاً وتنقيباً، وفي هذا كتب أيوب أسماعيل أيوب كتابه الوثائقي الموثق الفردوس الموعود، وقبل أن أعرف الحلفاوي المهذب أيوب، طالبت ومازلت أطالب بإنشاء ولاية حلفا العتيقة، والتقت أحلامي بإحلامه، وعرفت من كتاب الفردوس الموعود أن كثيرين معي يرغبون في حلفا العتيقة، وأن هذه قناعة مشروعة لكل المهاجرين، وأن مهندسة حلفاوية هي عائشة سعيد أعدت مخططاً للمدينة فهي مهتمة بالعمارة النوبية، وأن عدة لقاءات قد تمت، ومؤتمرات قد إنعقدت، وأن الصحافية النابغة نبوية سر الختم قد أعدت منتدى لمناقشة الأمر، وأن دكتور سلاف الدين صالح وهو حلفاوي عتيق إستضاف المنتدى، وأن وزير البيئة بابكر نهار أراد أن يكون نهاراً مشرقاً لأمل أهل حلفا، وأنه قال قولة وزير مسئول أن تجربة التهجير مريرة وتتحمل وزرها حكومات السودان بمختلف مسمياتها وعهودها ومنه لزاماً علينا أن تعود حلفا إلى سيرتها الأولي، وأشرق نهار جديد بدأه بابكر نهار بمقابلة مع معتمد وادي حلفا أبو بكر محمد عثمان، وأن البروفسور محمد جمال يونس خبير البيئة قد خصص الأرض الواقعة غرب البحيرة عند وادي حلفا وبمساحة تقارب المليون فدان خصصت لأبناء حلفا لأنها أكثر سهولة في عملية الاستثمار، وأقل تكلفة في توفير شبكات الري، وملائمة للسكن في المنطقة، وللبيئة التي أعتاد عليها مواطنو المنطقة، وبحسب معلوماتي أن هناك مساحة تقرب لثلاثة ملايين، فدان، وهناك مزرعة سمك كبيرة فيها مئات الأطنان من الثروة السمكية، وفي إعتقادي أن مشروع ولاية حلفا العتيقة بهذا المستوى سوف ينافس مشروع الجزيرة الذي كان عملاقاً، وهذا يعني أيضاً أن ولاية حلفا العتيقة سوف تولد عملاقة، وأن الله سوف يعوض السنوات العجاف التي مرت على أهل حلفا وهم يشتعلون شوقاً إلى الفردوس الموعود.
ورقة إسماعيل: وكتاب الفردوس الموعود فيه ورقة إسماعيل أيوب التي جهزها للمنتدى، وهي ورقة تشتمل على توثيق تاريخي لكل الأحداث، ومن بيانات أيوب اسماعيل الراصدة لحركة حلفا، أنه ورغم الترحيل هناك من رفض التهجير، وأنه بقي بالموطن القديم وادي حلفا حوالي 600 أسرة قوامها ثلاثة آلاف نسمة، يسكنون سكناً مؤقتاً في منازل من الخشب ومن مشتقات نخيل عشقهم الدائم لحلفا وادي النخيل، والصامدون في حلفا يسكنون مكاناً يقع في إطار حركة المياه إرتفاعاً، عندما تنخفض يعملون ويزرعون، وعندما ترتفع يهربون لئلا يكون نصيبهم الغرق مثل وطنهم القديم، وهذه معاناة، ولكل مأساة مواساة، وليست هناك مواساة سوى في الميلاد الثاني لموقعهم القديم، وقد بدأت حكومتنا السودانية منذ 30 مارس1967م في أحياء مدينة وادي حلفا على ساحل بحيرة النوبة، أو ما يسمى بحيرة ناصر، وأن وزارة الحكم المحلي بالتعاون مع مصلحة المساحة قد أكملت خارطة المدينة الجديدة، وتم توزيع قطع سكنية عددها 3297 موقعاً في ستة أحياء سكنية، ولكن المدينة الجديدة الوليدة ليس لها الآن مصادر رزق ثابتة، وهي تعتمد علي حركة الركاب عبر الميناء إلى مصر، وهي حركة ساكنة لم تتألق سوى عندما أغلقت المطارات بعد حرب 1973م، وقد أضطررت للذهاب إلى مصر وقتها لمتابعة حالة أبني الثاني مينا الذي كان طفلاً يعالج في مستشفى المعادي، وفي ذلك الوقت ظللنا في حلفا مدة في إنتظار الباخرة، ولم نجد خبزاً في اليوم الثالث، وأضطررنا إلى أكل البسكويت وتحققت فينا نكتة زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر التي عندما رأت ثورة الجياع سألت لماذا يثورون، فقالوا لها أنهم لا يجدون خبزاً للأكل، فقالت أذن ليأكلوا الجاتوه.
وحتى الأسماك هناك كثيرة ولكن لا يوجد من يستفيد بها ونشاط الصيادين ضئيل، وقد حاولت حكومة السودان سنة 1976م تعمير وادي حلفا، وقد تدخلت شركة دال مشكورة وهي شركة إستثمارية محترمة وقوية، ويملكها أبناء عمدة حلفا القديمة، الرجل العظيم داؤد أول الصامدين في حلفا وأول الرافضين للتهجير، وعمدة حلفا الذي لم يعجب الحكومة بسبب آرائه المتزنة حول التهجير، قامت شركة دال بزراعة المزرعة الصغيرة عند حلفا، ومساحتها 220 فدانا لكي يعود العائد عليهم، وأعتقد أنه قد آن الآوان، ليس أن تكون حلفا معتمدية، إنما أن تكون ولاية، وليس أن نزرع 220 فدانا، إنما ثلاثة ملايين من الأفدنة وفق شبكات ري مثل مشروع الجزيرة وفي إنتظار الغد المشرق، وأن غداً لناظره قريب، ونحن في أمل وصبر الانتظار.
سودانويات
تعليقات