الضحك الشارط
قول الطرفة ان حدهم استأجر اخر ليزرع له مزرعته وبعد ان فرغ الاجير من عملية بذر البذور طلب من المالك ان يعطيه اجره المتفق عليه فرد عليه المزارع قائلا ان شاء بعد ان تنبت هذه البذرة وتنمو وتنضج وتثمر ونحصدها ونبيع المحصول نعطيك اجرك فضحك الاجير من غرابة القول فقال له المزارع (ليك حق تضحك ما خلاص ضمنت حقك ) تذكرت هذه الطرفة وانا اشاهد السيد وزير المالية في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد ان اجاز البرلمان كل سياساته الجديدة وبدأت في السريان فقد ظهر الوزير تعلو وجهه الابتسامة (ليهو حق يضحك) فقد انتصر على من وقف امام سياساته وليته توقف عند الضحك بل صرح بملء فيه انه لاتراجع عن السياسات الجديدة
من المؤكد ان السياسات الاقتصادية الاخيرة التي تبنتها وزارة المالية لايمكن ان تحسب بعد الان على وزارة المالية ممثلة في وزيرها انما اضحت سياسات نظام كامل ممثلا في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان والحزب الحاكم وسيكون من الخطأ بمكان تحميل وزرها لوزير المالية ربما عندما كانت في طور المناقشة يمكن اعتبارها مشروع اي مقترح من الوزير ولكن بما انها اجيزت ونفذت ونزلت على يافوخ الشعب كالحمم اصبحت سياسة حكومة . ولكن يبقى السؤال مالذي جعل وزير المالية منشرحا ومبسوطا للاخر بعد التنفيذ بعد ان كان قبل الاجازة يلعن في سنسفيل البلاد ويصفها بالمفلسة ؟ هل كان يعتبر المعركة معركة شخصية؟ هل عدم اجازة تلك السياسة كان سوف يخرجه من الحكومة ؟ مهما يكن من امر فقد كان ينبغي للسيد الوزير ان يظهر بمظهر الحزين المتأسف ويعتذر للشعب السوداني عن الرهق الذي ادخله فيه . كان يمكن ان يعتذر عن سياسات الحكومة السابقة التي اوصلت الوضع لهذه المرحلة الكارثية . وهنا لابد من ان نحفظ للسيد الوزير انه كان قد صدع بالحق ذات مرة عندما قال ان الحكومة صرفت اموال البترول بعيدا عن القطاع المنتج من زراعة وثروة حيوانية
بالطبع ليس وزير المالية وحده بل مجمل الحكومة كان يجب ان تكون في حالة اعتذار عن السياسات الجديدة والاهم عن السياسات السابقة التي ادت للسياسات الاخيرة التي لم تترك للشعب حتى البطن التي يربط عليها الحزام فكما قال المتنبئ (فليسعد النطق اذا لم يسعد الحال) وكما نقول في الدارجية (الكلمة الطيبة بخور الباطن) فالاعتذار يعني اولا الاعتراف بالخطأ والاعتراف يعني النية في الاصلاح والاصلاح يستدعي برنامجا جديدا غير رجم الشعب والبرنامج الجديد يتطلب افكارا جديدة والافكار الجديدة تتطلب وجوها جديدة فصناع الازمة لايمكن ان يكونوا صناع الحلول
انبساط وانشراح وزير المالية المشار اليه يعكس انشراح الحكومة ممايشي ان المعركة الكلامية التي سبقت التنفيذ كانت معركة سياسية بين اجنح متنافسة او متشاكسة داخل الحكومة وليس لاقتصاد علم البدائل فيها نصيب كما ان حالة الشعب هي الاخرى لم تكن في الحسبان ولاحول ولاقوة الا بالله
تعليقات