لجوس بالكلمات
الجوس بالكلمات-محمد كامل

هل تعلم وزارة الموارد المائية والكهرباء أن توقيت إعلان الزيادة الجديدة في تعرفة الكهرباء توقيت سيئ جداً، فهو يأتي في شهر رمضان المعظم المنهي فيه عن القتال وإعلان الحرب ولو على جيوب الصائمين، كما يأتي الإعلان في أعقاب احتجاجات شعبية واسعة كانت قد اندلعت ضد قرار الحكومة القاضي برفع الدعم عن المحروقات ولما تنتهي بعد، وفيه عدم اهتمام واضح بمشاعر الجماهير، كما أن إعلان قرار الزيادة جاء معزولاً عن السند البرلماني لأنه لم يناقش في أي مستوى من مستويات الأجهزة التشريعية الحزبية باعتباره شأناً عاماً يخص ملايين المشتركين، مما يؤكد عدم شرعيته رغم صدوره من جهة تنفيذية مختصة، لأن المفارقات الكبيرة بين المؤسسية وتضارب اختصاصات الجهازين التنفيذي والتشريعي.
إن تعرفة الكهرباء في السودان مقارنة بدول المحيط الإقليمي والدولي تعتبر الأعلى ــ يمكن الرجوع إلى الأرقام الدقيقة الواردة في مقال الخبير في مجال الكهرباء المهندس جون جندي المنشور على هذه الصحيفة في وقت سابق، والذي أثبت فيه أن متوسط تعرفة الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ حوالى «3» سنتات أمريكية، ومعظم الدول النامية والإفريقية أقل من «5» سنتات، فكيف يدعي مدعٍ أن تعرفة الكهرباء في السودان أقل من أية تعرفة مقارنة بالكثير من الدول؟
ولأن الخطوة غير مستقيمة أصلاً تم الترويج لها باعتبار أن الزيادة ستفرض فقط علي من يزيد استهلاكه على ستمائة متر في الشهر، وهو أمر غريب أن تبتكر الوزارة نهجين حسابيين مختلفين لخدمة واحدة، والسؤال هو من الذي يحدد استهلاك الفرد من الكهرباء؟ وهل يخول العرف والقانون وجميع التشريعات الأرضية مسألة معاقبة المستهلك على استهلاكه؟ وهل تعاقب الوزارة الأسر الكبيرة على أن الله خلقها كبيرة منتشرة في الأرض وتستهلك كهرباء أكثر؟ كل هذه الأسئلة تحيط بوزارة الموارد المائية والكهرباء إحاطة السوار بالمعصم حتى ترجع عن قرارها القاضي بزيادة تعرفة الكهرباء لكل مائة متر، متخفية خلف جلباب ذوي الاستهلاك الأكثر، وبداهة إذا تمت معاقبة هؤلاء فإن قرار الزيادة سيسري على كل المشتركين، لأنه ببساطة لا يوجد مشترك لا يصرف الدعم الشهري البالغ مائتي متر شهرياً، ولذلك وطالما أن القرار حدد الزيادة من مائة متر فما فوق فإنها ستسري على كل أفراد الشعب السوداني المغلوب على أمره حتى الآن.
إذن القرار يجيء في وقت عجيب ليزيد معاناة الشعب السوداني، وهو قرار غير مفهوم، اللهم إلا إذا كانت هنالك استراتيجية سرية تطبقها وزارة الكهرباء لسداد القرض الربوي المستحق على قيام سد مروي، وهو قرض لم تعد الأوضاع الاقتصادية المتردية للدولة تسمح بسداده بطريقة منتظمة وفق النظم المتعارف عليها مصرفياً، وبالتالي تنشأ الحاجة إلى ابتكار وسائل جديدة حتى ولو كانت عشوائية وعلى حساب جيب المواطن، لضمان استمرار العلاقات البنكية مع الجهات الخارجية المرابية.. فهل بلغ الأمر هذا المدى؟
إن هذه الزيادة مرفوضة، وإلى أن يتم الدفع بها إلى منضدة المجلس الوطني ثم تأخذ حظها من النقاش إن وجد، يجب على الوزارة المعنية أن توقف العمل بهذه الزيادة، وأن تحترم حرمة هذا الشهر الفضيل إن لم تكن تأبه لجموع المتضررين من الشعب السوداني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النخله الحمقاء , ايليا ابوماضي

سر الرقم 73 ( قصة حقيقة)

صخرة النبي موسى عليه السلام