ليه ندفع ضرائبكم ..؟
آخر تقرير للمراجع العام، صادر قبل شهرين، أبدى ملاحظة مهمة للغاية، وذلك بعد أن راجع العقود الخاصة بالسادة الذين يديرون البنوك والشركات والهيئات الحكومية.. إذ يقول محتوى الملاحظة : السواد الأعظم من هؤلاء السادة لايدفعون الضرائب كما يفعل أي مواطن صالح، بل تدفع ضرائبهم - إنابة عنهم - تلك البنوك والشركات، يعني بالبلدي كدة : بتدفعها إنت يا المبروك..وهذا لا يحدث إلا في السودان، إذ دفع الضريبة بمثابة فريضة على كل مواطن ومواطنة، مسؤولاً كان أو من العامة، أو هكذا الحال في الدول التي أنظمتها وقوانينها تقدس المساواة - بين الناس - في الحقوق والواجبات..ولكن في السودان، كل الذين يديرون بنوك العامة، تدفع لهم تلك البنوك ضرائبهم المفروضة على رواتبهم وبدلاتهم، وهذا موثق في عقوداتهم..ثم الأدهى والأمر، بعض الذين يديرون شركات العامة أيضاً يتهربون عن دفع الضرائب، وذلك بإلزام تلك الشركات بالدفع إنابة عنهم..!!
** على سبيل المثال، شركة السكر السودانية .. وبالمناسبة، بعد إعلان تحرير سعر السكر، يجب أن تلحق هذه الشركة (أمات طه) عاجلاً غير آجل، بحيث لم تعد ذات جدوى، بل هي - أصلاً - لم تكن ذات جدوى حتى قبل التحرير..تخلصوا منها، مالم يكن جدواها كفالة حتى الذين لا يدفعون الضرائب، علما بأن دفع الضرائب أقل عطاء يقدمه أي مواطن صالح لبلده وشعبه، ( أنا طبعا اتأثرت بالثقافة الغربية في دنقلا وكدة)، وهذا منعاً لهجوم التجار الذين ترهقهم (ضريبة الوطن)..المهم، نرجع لعقد مدير شركة السكر، وهو بتاريخ 28 يونيو 2009، ولا يزال سارياً، ويستمد مشروعيته من مجلس الإدارة، وهذه ثغرة أخرى.. مجلس الإدارة يجب ألا يكون طرفاً في أي عقد، بل الجهة التي تعين مجلس الإدارة - وزارة كانت أو رئاسة - هي المسؤولة، ثم يجب توثيق أي عقد حكومي في إدارة العقودات بوزارة المالية، حسب قانون الخدمة، وهذا ما لم يحدث في السواد الأعظم من العقودات التي راجعها المراجع العام..!!
** نعم، انفراد مجالس الإدارات بتوقيع العقود مع المدراء، قد يحدث نوعاً من (المصالح المشتركة)، بين الإدارات ومجالس الإدارات، وستظهر تلك المصالح - وملياراتها - حين نعرض حوافز ومخصصات بعض (رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات)، قريباً إن شاء الله..ياخ نرجع لعقد المدير، إذ تقول نصوص العقد بأن راتبه (18.332.31 جنيه)، ومع ذلك: تدفع له الشركة فواتير الكهرباء والماء والتلفون.. بدل مأمورية بالداخل ( مرتب خمسة أشهر)، احتمال بيمشي الجنيد وكنانة وعسلاية كداري، ولذلك يستحق ( مرتب 5 شهور)، وبدل مأمورية بالخارج (300 دولار يومياً)، افتكر معقولة مع غلاء المعيشة في أمريكا مثلا..ويمنح علاج وتذاكر - له وللأسرة - وحافز سنوي وعربة ومكافأة .. ثم - فجأة كدة - تتحمل الشركة كل الضرائب المفروضة على الرواتب والبدلات..لماذا..؟؟
** يعني بالواضح كدة : ليه ندفع ضرائبك؟ ، ذنبنا شنو؟، لاك مسكين ولاك فقير، ماشاء الله مرتبك يهز ويرز، وكهربتك مدفوعة ومويتك مدفوعة وتلفوناتك مدفوعة وتذاكر سفرك مدفوعة، وعندك عربية بي سواقها، وكمان بتمشي عسلاية وتجي راجع تأخد ( 5 شهور كاش)، أها : ليه ندفع ضرائبك ؟.. علماً بأن أي عامل بالبلد ملزم بدفع ضريبة الدخل الشخصي، حتى ولو كان راتبه (750 جنيها فقط لاغير)، بحيث يدفع (5%) في ال(500 جنيه)، ويدفع (10%) عما يتجاوز ال (500 جنيه)، أى من كان راتبه (750 جنيه) يدفع للدولة ضريبة مقدارها (50 جنيها).. إن كان هذا حال المواطن، فذاك السؤال ( ليه نحن ندفع ضرائب دخلك الشخصي؟) ليس لمدير شركة السكر فقط، بل هذا محض نموذج من نماذج قادمة، ولكن السؤال لكل من حدثته نفسه بأن يصيغ عقداً كهذا.. أي ما أكثر التوقيعات غير العادلة والتي تلزم المواطن بدفع الضرائب إنابة عن أصحاب (العقودات الخاصة)..
تعليقات